فهرس الكتاب
الصفحة 37 من 117

أعيان.

والحاجة تراعى كالضرورة: وهي ما يطرأ على الإنسان مما في ترك مراعاته مشقة وحرج شديد خارج عن المعتاد في الضروريات الخمس، وإن لم يبلغ درجة الضرورة. وفرق بعض العلماء بين الحاجة والضرورة فقال: إن الضرورة لا يستغنى عنها، والحاجة يمكن الاستغناء عنها.

والحاجة تراعى سواء كان ذلك في العبادات أم في المعاملات أم في الجنايات، فما كان على تلك الصفة فهو ملحق بالضرورة؛ ولذا قال العلماء: (الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة) . وخالف بعض العلماء في مراعاة الحاجة الخاصة، وقرروا أن الحاجة الفردية لا تراعى، وإنما تراعى الحاجة العامة لجميع الناس أو لفئة معينة كأهل بلد أو حرفة [المدخل الفقهي العام 2\ 997، وانظر تفصيلا للمسألة في الموافقات: 2\ 119 وما بعدها] .

ومما يجدر التنبيه عليه أن أغلب الفقهاء يستعملون كثيرا مصطلح (الضرورة) مكان مصطلح (الحاجة]) ولا مشاحة في الاصطلاح إذا ظهر المراد.

الأصل الخامس: مراعاة درء الحدود والقصاص بالشبهات.

هذا أصل عظيم عند تنزيل الأحكام على الأقضية الجنائية من الحدود والقصاص.

والمراد: هو دفع وإسقاط العقوبة الحدية أو القصاص لقيام الشبهة القوية.

والشبهة المؤثرة في الدرء: هي الشبهة القوية المحتملة، لا مطلق الشبهة.

فهي التي تشبه الثابت وليس بثابت، أي: تشبه الحقيقة الثابتة بأن تكون قوية.

أو: هي وجود المبيح صورة مع انعدام حكمه أو حقيقته، وذلك كمن وطأ امرأة أجنبية يظنها زوجته.

فقد وجد المبيح صورة في ظن الواطئ، وهو عقد الزوجية الذي هو سبب النكاح، فإذا لم يثبت حكمه وهو الإباحة بقيت صورته شبهة دارئة للحد.

ودرء الحدود بالشبهات مجمع عليه بين الفقهاء.

ومما تجدر الإشارة إليه أن التعزير لا يسقط بالشبهة، بل يثبت معها، لكن ثم مبدأ آخر يطبق على عقوبة التعزير، وهو أن العفو عن العقوبة مقدم على إثباتها، وذلك إذا قام مقتضيه، كأن تكون البينات غير كافية في إيجاب التعزير ونحو ذلك، فإنه لا عقوبة إلا بحجة ..

والقصاص يدرأ بالشبهة كالحدود، سواء كانت الشبهة في الفاعل كمن قتل قاتل مورثه وقد عفا أحد

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام