قال ابن تيمية رحمه الله: (التحقيق أن الشريعة التي بعث بها محمد - صلى الله عليه وسلم - جامعة لمصالح الدنيا والآخرة، فقد بعثه الله بأفضل الشرائع، وأنزل عليه أفضل الكتب، وأرسله إلى خير أمة أخرجت للناس، وأكمل له ولامته الدين، وأتم عليه النعمة) [الحسبة في الإسلام] .
وقال أيضا: (إن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها) [مجموع الفتاوى 20/ 48] .
وقال القرطبي رحمه الله في التفسير: (ولا خلاف بين العقلاء أن شرائع الأنبياء قصد بها مصالح الخلق الدينية والدنيوية، وإنما كان يلزم البداء لو لم يكن عالما بمآل الأمور، وأما العالم بذلك فإنما تتبدل خطاباته بحسب تبدل المصالح، كالطبيب المراعي أحوال العليل، فراعى ذلك في خليقته بمشيئته وإرادته، لا إله إلا هو، فخطابه يتبدل، وعلمه وإرادته لا تتغير، فإن ذلك محال في جهة الله تعالى".اهـ."
وقال ابن النجار رحمه الله: (ولأنه سبحانه حكيم، شرع الأحكام لحكمة ومصلحة، لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} والإجماع واقع على اشتمال الأفعال على الحكم والمصالح) [شرح الكوكب المنير] .
وقال ابن القيم رحمه الله في [إعلام الموقعين] : (فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها؛ فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث؛ فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل؛ فالشريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله - صلى الله عليه وسلم - أتم دلالة وأصدقها ... ـ إلى أن قال ـ: فالشريعة التي بعث الله بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - هي عمود العالم وقطب الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة) .
يقول الشاطبي رحمه الله: (فإن الشريعة قد ثبت أنها تشتمل على مصلحة جزئية في كل مسألة، وعلى مصلحة كلية في الجملة، أما الجزئية، فما يعرب عنها دليل كل حكم وحكمته) [الموافقات: 5/ 77] .
قال العز بن عبد السلام رحمه الله في [قواعد الأحكام] : (والشريعة كلها مصالح؛ إما تدرأ مفاسد أو تجلب مصالح، وقد أبان في كتابه ما في بعض الأحكام من المفاسد حثا على اجتناب المفاسد، وما في بعض الأحكام من المصالح حثا على إتيان المصالح) .