فهرس الكتاب
الصفحة 15 من 117

(الواجب على العباد اتباع الرشاد، وتنكب أسباب الفساد، وقضاء الله وقدره من وراء ذلك) ..(ومعظم مقاصد القرآن الأمر باكتساب المصالح وأسبابها، والزجر عن اكتساب المفاسد وأسبابها، فلا نسبة بمصالح الدنيا ومفاسدها إلى مصالح الآخرة ومفاسدها ..

والمصالح ثلاثة أنواع: أحدها مصالح المباحات. الثاني مصالح المندوبات. الثالث: مصالح الواجبات.

والمفاسد نوعان: أحدهما: مفاسد المكروهات. الثاني: مفاسد المحرمات ...

أما مصالح الدارين وأسبابها ومفاسدها فلا تعرف إلا بالشرع، فإن خفي منها شيء طلب من أدلة الشرع وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس المعتبر والاستدلال الصحيح.

وأما مصالح الدنيا وأسبابها ومفاسدها فمعروفة بالضرورات والتجارب والعادات والظنون المعتبرات، فإن خفي شيء من ذلك طلب من أدلته، ومن أراد أن يعرف المتناسبات والمصالح والمفاسد راجحهما ومرجوحهما فليعرض ذلك على عقله بتقدير أن الشرع لم يرد به ثم يبني عليه الأحكام فلا يكاد حكم منها يخرج عن ذلك إلا ما تعبد الله به عباده ولم يقفهم على مصلحته أو مفسدته)اهـ.

وقال رحمه الله: (اعلم أن الله شرع لعباده السعي في تحصيل مصالح عاجلة وآجلة تجمع كل قاعدة منها علة واحدة، ثم استثنى منها ما في ملابسته مشقة شديدة أو مفسدة تربو على تلك المصالح، وكذلك شرع لهم السعي في درء مفاسد في الدارين أو في أحدهما تجمع كل قاعدة منها علة واحدة، ثم استثنى منها ما في اجتنابه مشقة شديدة أو مصلحة تربو على تلك المفاسد، وكل ذلك رحمة بعباده ونظر لهم ورفق، ويعبر عن ذلك كله بما خالف القياس، وذلك جار في العبادات والمعاوضات وسائر التصدقات) اهـ.

وعند تعارض المصالح والمفاسد يصار إلى الترجيح؛ قال ابن تيمية رحمه الله عن الشريعة: ( ... وأنها ترجح خير الخيرين وشر الشرين، وتحصل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، وتدفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما ... ـ ثم يقول رحمه الله ـ: وهذا باب التعارض باب واسع جدا، لا سيما في الأزمنة والأمكنة التي نقصت فيها آثار النبوة وخلافة النبوة؛ فإن هذه المسائل تكثر فيها، وكلما ازداد النقص ازدادت هذه المسائل، ووجود ذلك من أسباب الفتنة بين الأمة؛ فإنه إذا اختلطت الحسنات بالسيئات وقع الاشتباه والتلازم؛ فأقوام قد ينظرون إلى الحسنات فيرجحون هذا الجانب وإن تضمن سيئات عظيمة، وأقوام قد ينظرون إلى السيئات فيرجحون الجانب الآخر، وإن ترك حسنات عظيمة، والمتوسطون الذين ينظرون الأمرين قد لا يتبين لهم أو لأكثرهم مقدار المنفعة والمضرة، أو يتبين لهم فلا

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام