فهرس الكتاب
الصفحة 30 من 117

المقدمة السادسة: الفرق بين تصرفات الرسول - صلى الله عليه وسلم - كرسول وكإمام وكقاضي

وجوب طاعته - صلى الله عليه وسلم - مطلقا كرسول شيء، ومعرفة طبيعة تصرفه كرسول، أو كإمام سياسي شيء آخر، ولا تناقض بين الأمرين!.

لم يختلف العلماء في التفريق بين تصرفاته - صلى الله عليه وسلم - كرسول، وتصرفاته كإمام، أو كقاضي من حيث التأصيل، وإن اختلفوا في تحديد تلك التصرفات من حيث التفصيل!.

قال ابن القيم رحمه الله في فوائد غزوة حنين:(فصل: هل الأسلاب مستحقة بالشرع أو بالشرط؟ ..

ومأخذ النزاع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان هو الإمام والحاكم، والمفتي وهو الرسول فقد يقول الحكم بمنصب الرسالة فيكون شرعا عاما إلى يوم القيامة كقوله «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» ، وقوله «من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته» ، وكحكمه بالشاهد واليمين وبالشفعة فيما لم يقسم.

وقد يقول بمنصب الفتوى، كقوله لهند بنت عتبة امرأة أبي سفيان وقد شكت إليه شح زوجها وأنه لا يعطيها ما يكفيها: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» ، فهذه فتيا لا حكم إذ لم يدع بأبي سفيان ولم يسأله عن جواب الدعوى، ولا سألها البينة.

وقد يقوله بمنصب الإمامة فيكون مصلحة للأمة في ذلك الوقت وذلك المكان وعلى تلك الحال فيلزم من بعده من الأئمة مراعاة ذلك على حسب المصلحة التي راعاها النبي - صلى الله عليه وسلم - زمانا ومكانا وحالا، ومن ها هنا تختلف الأئمة في أقواله - صلى الله عليه وسلم - كقوله - صلى الله عليه وسلم - «من قتل قتيلا فله سلبه» هل قاله بمنصب الإمامة فيكون حكمه متعلقا بالأئمة أو بمنصب الرسالة والنبوة فيكون شرعا عاما؟)اهـ. وانظر تفصيلا أكثر في كتاب الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام للقرافي رحمه الله.

وقال السبكي رحمه الله: (كل ما فعله عليه السلام بطريق الإمامة من إقامة الحدود، وترتيب الجيوش، وغير ذلك، لم يجز لأحد أن يفعله إلا بإذن إمام الوقت الحاضر، لأنه عليه السلام إنما فعله بطريق الإمامة، ولا استبي إلا بإذنه) [الإبهاج في شرح المنهاج 4\ 391 - 394] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام