فهرس الكتاب
الصفحة 12 من 117

فرع ثان: الأدلة الكلية والجزئية.

مما ينبغي استحضاره في الذهن ونحن نتكلم عن التدرج في تطبيق الأحكام الشرعية أن أدلة الأحكام نوعان"أدلة كلية إجمالية"، و"أدلة جزئية".

فمعرفة أن القرآن حجة، والسنة حجة، والإجماع حجة، والقياس حجة، والنهي يقتضي التحريم تعتبر أدلة كلية إجمالية؛ لأنها لا تدل على حكم معين.

أما الأدلة الجزئية: فهي التي تدل على حكم معين في حالة معينة، فقوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى} [الإسراء: من الآية 32] ، والإجماع على أن الخالة ترث، وقياس الجد على ابن الابن، ولا نكاح إلا بولي، هذه كلها أحكام جزئية؛ لأن كلا منها يستفاد منه حكم معين.

ومثاله: أن القرآن هو الدليل الشرعي الأول على الأحكام، ونصوصه التشريعية لم ترد على حال واحدة، بل منها ما ورد بصيغة الأمر، ومنها ما ورد بصيغة النهي، ومنها ما ورد بصيغة العموم أو بصيغة الإطلاق، فصيغة الأمر، وصيغة النهي، وصيغة العموم وصيغة الإطلاق، أنواع كلية من أنواع الدليل الشرعي العام، وهو القرآن ..

وهذه القواعد الكلية وغيرها التي هي من اختصاص أصول الفقه يطبقها الفقيه على جزئيات الدليل الكلي ليتوصل بها إلى الحكم الشرعي العملي التفصيلي، فمثلا يطبق قاعدة:"الأمر للإيجاب"على قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: من الآية 1] ويحكم على الإيفاء بالعقود بأنه واجب.

ومن هذا يتبين الفرق بين الدليل الكلي والدليل الجزئي، وبين الحكم الكلي والحكم الجزئي.

فالدليل الكلي هو النوع العام من الأدلة الذي تندرج فيه عدة جزئيات مثل الأمر والنهي، والعام والمطلق، والإجماع الصريح والإجماع السكوتي، والقياس المنصوص على علته والقياس المستنبطة علته؛ فالأمر دليل كلي يندرج تحته جميع الصيغ التي وردت بصيغة الأمر، والنص الذي ورد على صيغة الأمر دليل جزئي، والنهي دليل كلي، والنص الذي ورد على صيغة النهي دليل جزئي.

وأما الحكم الكلي فهو النوع العام من الأحكام التي تندرج فيه عدة جزئيات مثل الإيجاب والتحريم والصحة والبطلان، فالإيجاب حكم كلي يندرج فيه إيجاب الوفاء بالعقود وإيجاب الشهود في الزواج وإيجاب أي واجب، والتحريم حكم كلي يندرج فيه تحريم الزنا والسرقة وتحريم أي محرم، وهكذا الصحة والبطلان فالإيجاب حكم كلي، وإيجاب فعل معين حكم جزئي.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام