فهرس الكتاب
الصفحة 31 من 117

المقدمة السابعة: تنزيل الأحكام على الوقائع

ذكرنا عند تقسيم أدلة الشريعة إلى كلية وجزئية، أن عمل القاضي والمفتي عند إرادة الوصول للحكم التفصيلي لمسألة ما هو تطبيق الحكم الكلي على الواقعة القضائية أو الفتوية، وبعد أن ذكرنا مسألة السياسة الشرعية ومواضيعها ومتطلباتها، وذكرنا انقسام تصرفات الرسول - صلى الله عليه وسلم - باعتباره مفتي وقاضي وإمام، والإمام والمفتي والقاضي يحتاج إلى تنزيل الأحكام الكلية على الأدلة الجزئية لاستخراج الحكم التكليفي؛ من المهم أن نتناول مسألة تنزيل الأحكام على الوقائع وما تحتاجه من ضوابط.

أولا: مشروعية تنزيل الأحكام على الوقائع.

هو مشروع في كل نازلة تعرض على القاضي أو المفتي، فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر» .

يقول ابن سعدي في شرح هذا الحديث: (ودل على أنه لا بد للحاكم من الاجتهاد، وهو نوعان: اجتهاد في إدخال القضية التي وقع فيها التحاكم بالأحكام الشرعية، واجتهاد في تنفيذ ذلك الحق على القريب والصديق وضدهما) [بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار 148] ، فإدخال الواقعة في الحكم الشرعي هو تنزيل الحكم على الواقعة، وهو اجتهاد لا بد منه.

ثانيا: حكم تنزيل الأحكام على الوقائع.

تنزيل الأحكام على الوقائع مما لا يتم الحكم القضائي أو الفتوى إلا به، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ..

إذا كان الحكم التكليفي هو الأصل، والمراد بالتكليف، وأن الحكم الوضعي معرف له؛ لأن الأحكام الوضعية أوصاف وأعلام ومعرفات للحكم التكليفي، ولا قيام له ـ أي الحكم التكليفي ـ إلا بهذه الأعلام والمعرفات، فإن الحكم الكلي في حقيقته يتحلل إلى شطرين هما:

الحكم الوضعي (معرفات الحكم) ، والحكم التكليفي، (قال العلماء: الأحكام من خطاب التكليف، والأسباب والشروط من باب خطاب الوضع، فهما بابان متباينان) [الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام للقرافي: 97] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام