فهرس الكتاب
الصفحة 29 من 117

فرع ثان: متطلبات النظر في السياسة الشرعية

نظرا لطبيعة السياسة الشرعية على الوجه المتقدم بيانه، فإنه يلزم الناظر والمتفقه فيها أمور منها:

ـ المعرفة التامة بأن الشريعة تضمن مصالح العباد في المعاش والمعاد، وأنها كاملة في هذا الباب صورة ومعنى؛ بحيث لا تحتاج إلى غيرها.

ـ الاطلاع الواسع على نصوص الشريعة مع الفهم لها ولما دلت عليه من السياسة الإلهية أو النبوية.

ـ المعرفة الواسعة الدقيقة بمقاصد الشريعة، وأن مبناها على تحصيل المصالح الأخروية والدنيوية ودرء المفاسد.

ـ التفرقة بين الشرائع الكلية التي لا تتغير بتغير الأزمنة، والسياسات الجزئية التابعة للمصالح التي تتقيد بها زمانا ومكانا.

ـ المعرفة بالواقع والخبرة فيه، وفهم دقائقه، والقدرة على الربط بين الواقع وبين الأدلة الشرعية، قال ابن تيمية رحمه الله: ( ... العلم بصحيح القياس وفاسده من أجل العلوم، وإنما يعرف ذلك من كان خبيرا بأسرار الشرع ومقاصده، وما اشتملت عليه شريعة الإسلام من المحاسن التي تفوق التعداد، وما تضمنته من مصالح العباد في المعاش والمعاد، وما فيها من الحكمة البالغة والرحمة السابغة، والعدل التام)

وقال القرافي رحمه الله: (تخريج الأحكام على القواعد الأصولية الكلية أولى من إضافتها إلى المناسبات الجزئية، وهو دأب فحول العلماء، دون ضعفة الفقهاء) اهـ؛ وجل فقه السياسة الشرعية من هذا الباب.

ـ دراسة السياسة الشرعية للرسول - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين والفقه فيهما.

ـ معرفة أن الاجتهاد في باب السياسة الشرعية ليس بمجرد ما يتصور أنه مصلحة وإنما يلزم التقيد في ذلك بالمصالح المعتبرة شرعا.

ـ رحمة الناظرين في هذا الباب بعضهم بعضا عند الاختلاف في مواطن الاجتهاد. [انظر السياسة الشرعية تعريف وتأصيل/محمد بن شاكر الشريف. والعمل بالسياسة الشرعية د. سعد بن مطر العتيبي] .

ونستخلص مما سبق: أن (السياسة الشرعية غايتها الوصول إلى تدبير شؤون الدولة الإسلامية بنظم من دينها، والإبانة عن كفاية الإسلام بالسياسة العادلة ورعاية مصالح الناس في مختلف العصور والبلدان، ومسايرة التطورات الاجتماعية في كل حال وزمان على وجه يتفق مع المبادئ العامة الإسلامية) [السياسة الشرعية بين فقه الاستضعاف وفقه التمكين / د. عبدالله شاكر جنيدي] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام