فهرس الكتاب
الصفحة 7 من 117

المبحث الأول:

مقدمات لا بد منها.

من المعلوم أن المفتي حين يفتي، وكذا العالم حين يؤلف مختصرا ينطلق من أدلة كلية وجزئية يستحضرها في ذهنه، ولا يذكرها للسائل .. وربما اقتضت الرغبة في اختصار التأليف عدم الاستطراد في ذكرها .. والمستفتي لا يعرفها وربما إذا عرفها لا يستوعبها ..

و (لابد أن يكون مع الإنسان أصول كلية ترد إليها الجزئيات ليتكلم بعلم وعدل، ثم يعرف الجزئيات كيف وقعت، وإلا فيبقي في كذب وجهل في الجزئيات، وجهل وظلم في الكليات، فيتولد فساد عظيم) [منهاج السنة النبوية لابن تيمية: 5/ 83] .

ونظرا لكون مسألتنا أمرها شديد ومهم، تحتاج إلى دراسة وتحرير، لا يمكن إجمال الكلام فيها .. آثرت أن أمهد لها ببعض المقدمات تساعد على تصورها وفهم مرتكزاتها، والله المعين ..

المقدمة الأولى: تعريف الشريعة:

الشريعة لغة: (ما شرع الله تعالى لعباده، والظاهر المستقيم من المذاهب) . [القاموس المحيط] .

شرعا: الشين والراء والعين أصل واحد، وهو شيء يفتح في امتداد يكون فيه.

من ذلك الشريعة، وهي مورد الشاربة الماء؛ واشتق من ذلك الشرعة في الدين والشريعة، قال الله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} [المائدة: من الآية 48] ، وقال سبحانه: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْر} [الجاثية: من الآية 18]

وقال الشاعر في شريعة الماء [انظر معجم مقاييس اللغة] :

ولما رأت أن الشريعة همها ... وأن البياض من فرائصها دامي

ش ر ع: الشريعة مشرعة الماء وهي مورد الشاربة. و"الشريعة"أيضا ما شرع الله لعباده من الدين وقد شرع لهم أي سن وبابه قطع، و"الشارع"الطريق الأعظم.

وشرع في الأمر أي خاض، وبابه خضع، وشرعت الدواب في الماء: دخلت، وبابه قطع وخضع فهي"شروع"وشرع، وشرعها صاحبها"تشريعا".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام