فهرس الكتاب
الصفحة 47 من 117

المبحث الثالث:

معنى التدرج - أنواعه ودواعيه -.

قد نختلف في المصطلحات مع الاتفاق في المعاني .. وإن لم نبين مقاصد المباني نختلف ونتنافر من غير مبرر .. لذلك وجب بيان حقيقة مصطلح"التدرج"وما يراد به عند القائلين به.

التدرج لغة: قال ابن فارس: (الدال والراء والجيم أصل واحد يدل على مضي الشيء والمضي في الشيء) . [معجم مقاييس اللغة] .

فلفظ"درج"دال على المشي والمضي.

وأما"درج"بالتشديد فقال في اللسان: (ويقال: درجت العليل تدريجا إذا أطعمته شيئا قليلا، وذلك إذا نقه، حتى يتدرج إلى غاية أكله، كما كان قبل العلة، درجة درجة». [لسان العرب] .

فهو (دال على التأني في تناول الشيء أو بلوغه، و"تدرج"مطاوع درجه وإليه تقدم شيئا فشيئا وفيه تصعد درجة درجة) [المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية بالقاهرة] .

فجماع دلالات التدرج: أنه أخذ الأمر شيئا فشيئا لا دفعة واحدة.

ومعنى التدرج المطروح: (المرحلية في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على المجتمع بسبب عدم صلاحية المجتمع آنيا للتطبيق الكامل، مع النية الجادة والسعي الدؤوب لهذا التطبيق الكامل متى أتيح المجال، وسنحت الفرصة) ..

فالتدرج عند الإطلاق قد يراد به التدرج في التشريع أو التدرج في التطبيق .. والمقصود بالتدرج في تطبيق الأحكام أمران:

الأول: بيان الأحكام الشرعية للناس شيئا فشيئا لتتم معرفتهم لها واستيعابهم لها .. والتدرج من الأيسر إلى ما يليه ومن السهل إلى الأشد، ومن القريب لأذهانهم إلى ما بعد عنها، وهذا واجب العلماء.

الثاني: التدرج في الانتقال بالأمة من القوانين الوضعية إلى الشرعية .. مما يعني عدم تطبيق الشريعة دفعة واحدة؛ لتأسيس النجاح أولا واستمراره ثانيا، وهذا واجب المختصين في علوم الشريعة وأولي الأمر ..

قد يفهم المخالف عند إطلاق لفظ التدرج من غير تفصيل، أن يرجع للعهد المكي ويبدأ في تطبيق أحكام الشريعة بترتيبها الزمني الذي نزلت به .. وهذا خطأ في الفهم؛ لأن الدين تم والتكليف به اكتمل، وتطبيقه واجب .. والميسور لا يسقط بالمعسور .. لذلك لو عبرنا عن التدرج بـ:"تطبيق ما أمكن تطبيقه،"

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام