قال المصنف"إلى أن تقوم الساعة"إلى قرب قيام الساعة مادام أن هناك مسلمين لأن من المعلوم أن الساعة تقوم على الكفار واستدل على ذلك بقوله تعالى: {قالوا فيما كنتم قالوا: كنا مستضعفين في الأرض} أي ضعفاء بمعنى الأقلية ليس لنا أمر لأنهم ضعفاء غير قادرين على الهجرة وكثّروا سواد الكفار في معركة بدر، ولذا فبلاد الكفر لما كان فيها المسلمون ضعفاء ليس لهم فيها أمر ولا نهي فقالت لهم الملائكة على وجه الإنكار {ألم تكن أرض الله واسعةً فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم} وهذه من آيات الوعيد ومذهب السلف إجراء آيات الوعيد على ما جاءت عليه لأنه أوقع للزجر لكن إذا خشي أن يفهم منها الخلود أو التكفير فإنها تشرح، ولذا قد يقول قائل ظاهر مأواهم جهنم إنهم خالدون فيها فالجواب: أن يقال لا لأنه بإجماع أهل السنة والجماعة أنه لا خلد في النار لمن ترك الهجرة مع أنه مسلم ولا خلود على من ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب غير مستحل لها"."
لكن إن كان ترك الهجرة رغبة عن الإسلام أو صاحبها كفر فهذا فيه الخلود في النار أو كان ليس مجرد تكثير سواد الكفار بل قاتل معهم وحمل السلاح ورمى فهذا تولي مخرج من الدين.
"إلا المستضعفين"استثنى الله المستضعفين الذين لا يستطيعون الهجرة. وأما الآية الثانية فتدل على وجوب الهجرة لقوله تعالى: {إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون} دليل الهجرة من السنة قال المصنف"لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة".
فصل
فلما استقر بالمدينة أمر ببقية شرائع الإسلام مثل الزكاة والصوم والحج والأذان والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من شرائع الإسلام وأخذ على هذا عشر سنين وبعدها توفي صلاة الله وسلامه عليه، ودينه باق وهذا دينه، لا خير إلا دل الأمة عليه ولا شر إلا حذرها منه. والخير الذي دلها عليه التوحيد وجميع ما يحب الله ويرضاه. والشر الذي حذرها منه الشرك وجميع ما يكرهه الله ويأباه"."
الشَّرح: وهذه الأمور واضحة.
فصل
مسائل تتعلق بالأصل الثالث
بعثه الله إلى الناس كافة، وافترض الله طاعته على جميع الثقلين، الجن والإنس، والدليل قوله تعالى: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً) وأكمل الله به الدين، والدليل قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً والدليل على موته صلى الله عليه وسلم قوله تعالى:(إنك ميت وإنهم ميتون) .
الشَّرح:
إلى هذا نهاية الأصل الثالث وختمه المصنف ببان ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أنه جاء بالتوحيد والنهي عن الشرك وهذا إعادة مرة أخرى لمدى أهميته.