فهرس الكتاب
الصفحة 10 من 80

ج ـ أن يبدأ بالآيات كما جاء في قصة الجماعة الذين جاءوا من مضر وهم فقراء .. ثم خطب عليه الصلاة والسلام فتلا آيات {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم .. } وآية الحشر {ولتنظر نفس ما قدمت لغد .. } ثم قال تصدق رجل من ديناره ومن درهمه .. ] من حديث جرير عند مسلم. الشاهد أنه تلا بعض الآيات لما خطب.

في بعض النسخ في غير الدرر بدأت الرسالة بكلمة (اعلم رحمك الله)

فقوله:"اعلم رحمك الله"يأتي بعد قليل تعريف العلم إلا أن هذه الكلمة يؤتى بها للاهتمام والحث على تدبر ما بعدها كما قال الحكمي رحمه الله، وهذا من شفقة المؤلف ومحبته أن يدعو للسامع بهذه الدعوة، ومعنى الدعاء بالرحمة أي غفر الله لك ما مضى ووفقك وعصمك فيما يستقبل .. وعلى هذا فالرحمة هنا تشمل معنى المغفرة.

"الله"المعبود الخالق ويأتي مزيد إيضاح من كلام المصنف عندما يتكلم على الأصل الأول في معنى لفظ الجلالة، هذه قاعدة في تفسير اسم الله أما إذا جاء اسم"الله"مع اسم"الرب"فإن"الرب"الخالق و"الله"المعبود.

فصل

ويجب علينا أربع مسائل، الأولى: العلم؛ وهو: معرفة الله، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة؛ الثانية: العمل به؛ الثالثة: الدعوة إليه؛ الرابعة: الصبر على الأذى فيه، والدليل قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (والعصر، إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) قال الشافعي، رحمه الله تعالى، لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم؛ وقال البخاري، رحمه الله تعالى: باب: العلم قبل القول والعمل، والدليل قوله تعالى: (فاعلم أنه لا إلَه إلاّ الله واستغفر لذنبك) فبدأ بالعلم، قبل القول والعمل.

الشَّرح:

قوله:"يجب"أفاد المصنف حكم تعلم الأربع المسائل وأنه واجب، والواجب في الحد والحقيقة ما أمر به على وجه الإلزام. قال تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} وأحياناً يعرف الواجب بالحكم، وهو"ما يثاب فاعله امتثالا ويستحق العقاب تاركة"، والعادة في التعاريف أن تعرف بالحقيقة، ولا مانع من تعريفها بالحكم عند الحاجة، لتسهيل العلم والفهم.

وقولنا:"امتثالا"أي لا بد منه في الواجب، فلو فعله بدون امتثال ما برئت الذمة ولا سقط الطلب لحديث عمر [إنما الأعمال بالنيات] ، وقولنا يستحق العقاب أحسن من قولنا يعاقب لأن ترك الواجبات كما هو عند أهل السنة والجماعة تحت المشيئة إن شاء عذب وإن شاء عفا الله عنه، وكلام الخوارج والمعتزلة يقولون: يعاقب، وأما قول السلف: فيستحق العقاب، فالاستحقاق والوعيد ثابت، أما العقاب بالفعل فتحت المشيئة، لكن هذا في الأشياء التي تدخل تحت المشيئة، أما غيره كالشرك الأكبر والأصغر فلا بد في الشرك من توبة، فكل الذنوب تحت المشيئة إلا الشرك فلا يُفغر إلا بالتوبة، قال تعالى {إن الله لا يغفر أن يشرك به} .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام