الخير لكنك اخترت هذا المكان لكونه أبرك. ثم ذكر المصنف الدليل {فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل .. }
شرعاً: الاعتماد على الله لجلب الخير ودفع الشر. متى يكون التوكل عبادة؟ إذا اعتمد وفوّض أمره إلى الله فهذا توحيد {وعلى الله فتوكلوا .. } متى يكون التوكل شركاً؟ في هذه الحالات:
إذا اعتمد على المخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله كالذي يعتمد على المخلوق في نزول المطر وحصول الرزق أو النسل أو اعتمد عليه في الشفاء والسلامة من الأمراض. وهذه الأمور لا يقدر عليها إلا الله وهي شرك أكبر.
الاعتماد على الأموات والجمادات كأن يثق بأن هذا الميت سوف يعطيه أو يدفع عنه، وهو شرك أكبر.
الاعتماد على الأسباب شرك أصغر مثل أن يعتمد على مهارة الطبيب في نجاح العملية ومثل الثقة بكثرة الجيش في حصول النصر، والاعتماد على حذاقة السائق في السلامة من الحوادث، والاعتماد على المذاكرة في النجاح، وهذه ظاهرة متفشية عند المسلمين بأن يعتمد على الأسباب.
"مسألة"متى يكون قد اعتمد على الأسباب بالقرائن التالية:
منه ما يتعلق بالقلب فيشعر بالراحة والاطمئنان والسكون لوجود السَّبب فإذا وجد وثق بالنتيجة أنها سوف تترتب، هذا أهمها.
أن يشعر بالقلق والاضطراب إذا تخلف السبب أن النتيجة لن تترتب مثاله:
لو ذهب بمريض إلى طبيب ووثق أن العملية سوف تنجح وارتاح لذلك، فإن عمل العملية طبيب آخر فلن تنجح العملية وهذا من الشرك الأصغر. قال تعالى: {وعلى الله فتوكلوا .. } ، أي اعتمدوا. ومفهوم الآية: عدم الاعتماد على الأسباب، بل نفعل الأسباب لكن نعتمد على الله.
"مسألة"هناك فرق بين الارتياح للأسباب والاعتماد على الأسباب، فلو أن شخصاً أصلح سيارته وأعدها إعداداً جيداً للسفر ثم شعر بالارتياح فهذا لا شيء فيه أما لو وثق ألا يصيبه شيء لأن السيارة سليمة وجيدة فهذا من الاعتماد على الأسباب.
"مسألة"ما حكم الألفاظ التالية: توكلت على الله وعليك؟ هذه لا تجوز وهي من الشرك الأصغر لقوله تعالى (فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون) وقد صح عن ابن عباس في قول لولا الله وفلان أنها من الشرك فهذه مثلها وصح عن السلف أن قول أعوذ بالله وبك من الشرك فهذه مثلها.
"مسألة"ما حكم الألفاظ التالية: توكلت عليك، متكل عليك، فيها خلاف بين المتأخرين من أهل العلم فيما أعلم، فمنهم من أجاز هذه الكلمة وجعله بمعنى التوكيل والوكالة وقال الأصل الجواز.
القول الثاني: إنها لا تجوز لقوله تعالى: {وعلى الله فتوكلوا} منطوقاً ومفهوماً وحديث عند أحمد [إنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى خطيئة وعورة وذنب] وحديث أبي بكرة قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوات المكروب اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت رواه: أبو داود وصححه ابن حبان،