فهرس الكتاب
الصفحة 25 من 80

كلمة"فقط"مهمة أتينا بها بعد كل مثال، فهناك فرق .. مثلاً:

1 -من جاهد يريد الآخرة فقط.

2 -من جاهد يريد الدنيا فقط هذا يقابل الأول. وهذا ليس له مقصد الدين وإنما يريد الدنيا والمغنم.

3 -بينهما وهو الذي يريد الدنيا ويريد الآخرة: والحكم للغالب منهما فإذا كان 70% يريد الآخرة لكن 30% يريد مثلاً الغنيمة فالحكم أنه ليس من الشرك الأصغر وهذا جائز ولا يقال محرم لكن ينقص أجره عمن لم يرد ذلك، والدليل: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم} فنفا عنهم الحرج أن يتكسبوا في الحج ولو كان بالعكس الغالب عليه الدنيا فهذا من الشرك الأصغر.

4 -لو تساوى: هذا من الشرك الأصغر. لعموم حديث (أجعلتني لله ندا) وهنا جعل الدنيا مساوية لله.

هذا ما ترجح لنا، لكن ابن رجب رحمه الله له اختيار آخر فقد قال في جامع العلوم والحكم: فإن خالط نيته الجهاد مثل نية غير الرياء مثل أخذه أجرة للخدمة أو أخذ شيء من الغنيمة أو التجارة نقص بذلك أجر جهاده ولم يبطل بالكلية وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن الغزاة إذا غنموا غنيمة تعجلوا ثلثي أجرهم فإن لم يغنموا شيئا تم لهم أجرهم)

وقد ذكرنا فيما مضى أحاديث تدل على أن من أراد بجهاده عرضا من الدنيا أنه لا أجر له وهي محمولة على أنه لم يكن له غرض في الجهاد إلا الدنيا وقال الإمام أحمد التاجر والمستأجر والمكاري أجرهم على قدر ما يخلص من نيتهم في غزواتهم ولا يكون مثل من جاهد بنفسه وماله لا يخلط به غيره وقال أيضا فيمن يأخذ جعلا على الجهاد إذا لم يخرج إلا لأجل الدراهم فلا بأس أن يأخذ كأنه خرج لدينه فإن أعطي شيئا أخذه وكذا روي عن عبد الله بن عمرو قال إذا (جمع أحدكم على الغزو فعوضه الله رزقا فلا بأس بذلك وأما إن أحدكم إن أعطي درهما غزا وإن منع درهما مكث فلا خير في ذلك) ، وكذا قال الأوزاعي (إذا كانت نية الغازي على الغزو فلا أرى بأسا)

وهكذا يقال فيمن أخذ شيئا في الحج ليحج به إما عن نفسه أو عن غيره وقد روي عن مجاهد أنه قال في حج الحمال وحج الأجير وحج التاجر هو تام لا ينقص من أجورهم شيء) وهذا محمول على أن قصدهم الأصلي كان هو الحج دون التكسب اهـ المقصود والله اعلم.

"مسألة"لماذا ذكرنا كلمة"فقط"في المسائل السابقة؟ لأنه إذا أراد وجه الله مع الدنيا فهذا يختلف الحكم أما الأمثلة السابقة فهي إرادة دنيا فقط أما من أرادهما معاً فسبق تفصيله.

فصل

وبذلك أمر الله جميع الناس وخلقهم لها كما قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلاّ ليعبدون) ومعنى يعبدون: يوحدون وأعظم ما أمر الله به التوحيد، وهو إفراد الله بالعبادة، وأعظم ما نهى عنه الشرك وهو: دعوة غيره معه؛ والدليل قوله تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام