فهرس الكتاب
الصفحة 11 من 80

لكن المصنف في هذه الأربع لم يرد الواجب الاصطلاحي بل هذه أركان وأسس فالعلم بالرب والدين والرسول صلى الله عليه وسلم هي أصل الأصول وأعظم الواجبات.

قوله:"علينا"نا: هنا يقصد بها جميع الخلق حتى الكفار فإن الكفار مخاطبون ومكلفون بفروع الشريعة وأصولها، فالمسلمون مخاطبون بفروع الشريعة بالقرآن والسنة، أما توجهه للكفار فنعم فيستحقون العقاب على ترك الأوامر والدليل {ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين} وكذلك {فويل للمشركين اللذين لا يؤتون الزكاة} وقوله {ولم نك نطعم المسكين} وعلى الزنا أيضاً يعاقبون وهكذا كل خطاب موجه للمسلمين مخاطب به الكافرين، لكن إذا اسلم وتاب عفى عنه ما سلف والدليل قوله تعالى: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} وقوله صلى الله عليه وسلم: [الإسلام يجب ما قبله] ، ولفعل الصحابة، وكذلك المرتد في هذه المسألة كالكافر فلا يُؤمر بقضاء ما تركه زمن الردة.

وحتى الجن أيضاً مخاطبون بهذه المسائل، كما قال تعالى: {وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون} ، ولقوله تعالى: {فولوا إلى قومهم منذرين} والضمير يعود إلى الجن.

الأولى: (العلم) وتعريف العلم ذكره أبو الخطاب في كتابه التمهيد في أصول الفقه، الجزء الأول ص 36"العلم / هو المعرفة أي تعرف المعلوم على ما هو به وهو المعرفة الصحيحة"ا. هـ. واستدل بقوله تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون} ، فجعل العلم بمعنى المعرفة وهو الذي اختاره المصنف:"أن العلم بمعنى المعرفة"فقال المصنف: (الأولى: العلم؛ وهو: معرفة الله، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة) وقد رد أبو الخطاب على من عرف العلم بأنه إدراك الشيء فليرجع في نفس المصدر.

مع أن هناك فرق بين العلم والمعرفة والإدراك، قال ابن القيم في مدارج السالكين 2/ 472 والفرق بين العلم وبين المعرفة من وجوه ثلاثة: أحدها: أن المعرفة لب العلم ونسبة العلم إليها كنسبة الإيمان إلى الإحسان وهي علم خاص متعلقها أخفى من متعلق العلم وأدق، والثاني: أن المعرفة هي العلم الذي يراعيه صاحبه بموجبه ومقتضاه فهي علم تتصل به الرعاية، والثالث أن المعرفة شاهد لنفسها وهي بمنزلة الأمور الوجدانية التي لا يمكن صاحبها أن يشك فيها ولا ينتقل عنها وكشف المعرفة أتم من كشف العلم والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ

وقال العسكري في كتابه الفروق ص 72: أن المعرفة أخص من العلم لأنها علم بعين الشيء مفصلا عما سواه، والعلم يكون مجملا ومفصلا ... إلى أن قال فكل معرفة علم وليس كل علم، وذلك أن لفظ المعرفة يفيد تمييز المعلوم من غيره معرفة ولفظ العلم لا يفيد ذلك إلا بضرب آخر من التخصيص في ذكر المعلوم اهـ المقصود. وقال ص 81 في الفرق بين العلم والإدراك فقال: إن الإدراك موقوف على أشياء مخصوصة وليس العلم كذلك والإدراك يتناول الشيء على أخص أوصافه وعلى الجملة والعلم يقع بالمعدوم ولا يُدرك إلا الموجود، والإدراك طريق من طرق العلم اهـ المقصود.

قال المصنف"العلم"الآلف واللام للخصوص، ولا يقصد جميع العلم لأن المصنف عرفه فقال هو معرفة الله ... الخ، فإذاً المصنف قصد به العلم الشرعي.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام