فهرس الكتاب
الصفحة 66 من 80

لمحارم الله فحق على العبد المؤمن أن ينجو بنفسه ويفر بدينه إن تمكن من ذلك ووجد أرضاً خالية من التظاهر بالمعاصي فإن لم يجد فليس بالإمكان أفضل مما كان اهـ

واختاره ابن العربي في أحكام القرآن واستدل على ذلك بفرار إبراهيم عليه السلام قال تعالى: {إني ذاهب إلى ربي سيهدين} وفعل نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام قال تعالى: {فخرج منها خائفا يترقب قال ربي نجني من القوم الظالمين} .

وذكر في تحفة الأحوذي (5/ 214) أن من حكمة الهجرة إلى الحبشة ليسلم من أذية ذويهم .. ا. هـ. ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم"خير مال المسلم غنم يتبع به شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن"رواه البخاري.

رابعاً - الهجرة من بلد الأوبئة والأمراض فما حكم الانتقال منه وهل يعد هجرة؟

أما الانتقال فجائز لقوله صلى الله عليه وسلم"فر من المجذوم فرارك من الأسد"ونهيه عليه الصلاة والسلام أن يورد ممرض على مصح وقد أذن النبي للذين استوخموا المدينة أن يخرجوا عنها حتى يصحوا ويكون حكمها حكم التداوي لأنها من أسباب التداوي ولكن لا يحب الخروج منها واستثنى العلماء بلد الطاعون فقالوا لا يخرج منها ولا يدخل إليها. كما حدث للصحابة في طاعون عمواس، والبقاء فيها جائز فقد روى أحمد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أكل من المجذوم وقال ثقة بالله. وهو لا يعد هجرة بالمعنى الشرعي وإن كان يدخل في مسمى الهجرة لغة.

خامساً - بلد المعاصي التي غلب عليها الكسب الحرام، فهذه عدها بعض أهل العلم من البلاد التي يهاجر منها اختاره صديق خان في كتابه العبرة فيما جاء في الغزو والهجرة واختاره ابن العربي في أحكام القرآن.

هذه التي مضت هي أنواع الهجرة باعتبار البلاد، وإذا قلنا الهجرة واجبة فهي في حق غير القادر [1] وأما القادر فلا تجب عليه مادام أنه مظهر الإسلام والسنة لا تجري عليه الحكام الكفر أو البدعة أو المعصية، ولكن يستحب الهجرة على قول الجمهور إلا إن كان في مصلحة للإسلام ظاهرة وأمن على نفسه فيبقى.

"مسألة"ما معنى قولنا"قادر على إظهار الدين"أي جميع الدين فالألف واللام في الدين للعموم فإن كان قادراً على إظهار الصلاة والأذان ولكن غير قادر على إظهار التوحيد فليس بقادر وإن كان قادراً على الصيام وغير قادر على البغض والمعاداة للكفار فليس بقادر، فتجب عليه الهجرة إلا أن الهجرة في هذه الآونة قد تكون صعبة بسبب مسائل الحدود والإقامة والقوانين الوضعية.

قال المصنف"والهجرة فريضة"فيه تفصيل: فمن كان غير قادر على الهجرة فليست في حقه فرضً وأما إن كان قادراً على الهجرة وغير قادر على إظهار الدين فهي فرض في حقه.

قال المصنف"على هذه الأمة"أي أُمة الإجابة.

قال المصنف"وهي باقية إلى أن تقوم الساعة"وهذا رد على من قال أنها منسوخة بعد فتح مكة واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا هجرة بعد الفتح"والصحيح لا هجرة من مكة بعد الفتح لأنها أصبحت دار إسلام.

(1) - غير القادر: أي غير قادر على إظهار دينه او لا يستطيع سبيلا.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام