يطيل ويديم الخوف وهذا ما ذكره العسكري في الفروق اللغوية ص 200، وعلى ذلك فالرهبة: الخوف الطويل والخوف الشديد.
ما الفرق بين الخوف والرهبة؟ الفرق زمني. فإذا اضطرب قلبك وقلقت فترة قصيرة هذا يسمى خوفا أما لو طال الاضطراب والقلق وامتد فإنه يسمى رهبة وهناك فرق آخر أن الخوف توقع الضرر المحتمل الذي قد يقع وقد لا يقع، ولذا إذا تذكرت أنه سيقع قلقت وإذا ذكرت أنه لا يقع اطمأننت.
أما الرهبة: توقع الضرر المتيقن به. ولذا يطول الخوف فالمحكوم عليه بالقتل يقيناً. هذا يسمى راهب لن الضرر متيقن فتجده دائم الخوف حتى يقتل أما الذي لا يتوقع القتل في حقه فهذا يسمى خوفاً فقط.
متى تكون الرهبة عبادة؟ إذا طال خوفه من الله.
متى تكون الرهبة شركاً؟ إذا طال خوفه من صاحب القبر مثلا فهذا شرك أكبر. ظاهر الاستدلال كما في الآية السابقة أعلاه عند المصنف أن الرهبة حالة من حالات الدعاء، وهناك آيات أعم، مثل {وإياي فارهبون} أما التوضيح بالنسبة للخوف والرهبة بالنسبة للشرك الأكبر. أنك إذا قلقت واضطربت من صاحب القبر أو من مخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله فهذه عبادة خوف وهي من الشرك الأكبر. فإن قلقت واضطربت من صاحب القبر أو مخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله مع نيتك أن ضرره سيصل إليك فهذه عبادة رهبة وهي من الشرك الكبر أو طال زمن خوفك منه فهذا عبادة رهبة لصاحب القبر.
العبادة السابعة ... الخشوع / قال صاحب المصباح المنير: مأخوذ من خشعت الأرض إذا سكنت واطمأنت ا. هـ. فيكون الخشوع بمعنى السكون والهدوء في القلب والجوارح وفي الصوت وفي النظر والمشي أي سكون الجوارح.
متى يكون الخشوع عبادة؟ إذا وقف أمام الله ساكناً هادئاً في الجوارح فإنه هذا يسمى خشوعاً ولذا فالمصلى خاشع في الهيئة، فإنه يقف في الصلاة مطأطئ الرأس ينظر إلى مكان سجوده وهذا خشوع وإذا مشى إلى الصلاة مشى بهدوء وغض للصوت والنظر وهذا خشوع في المشي إلى الصلاة.
متى يكون الخشوع شركاً؟ إذا وقف أمام قبر أو شخص هادئ الحركات ساكن الجوارح فهذا خشوع وإن لم تطلب منه شيئاً، وهو من الشرك الأكبر؛ ومثله لو مشى إلى قبر ولى من الأولياء هادئ الجوارح ساكن القلب هذه عبادة خشوع، ولذا نجد عباد القبور عند قبورهم هادئين ساكنين؛ ومثله المريد والصوفي أمام شيخه تجده هادئا مطأطئ الرأس ساكن الجوارح مع ما في قلبه من خشوع، وهذه عبادة خشوع، وهذا من الشرك الأكبر، الدليل {وكانوا لنا خاشعين} . فالأصل في الخشوع عمل بالقلب وتدل عليه الجوارح.
العبادة الثامنة .. الخشية: وهي الخوف من الشخص، فإذا خفت من شخص معين بغض النظر عن العقوبة التي سوف يوقعها بك فهذه تسمى خشية، ولذا فهناك فرق بين الخوف والخشية، فالخوف: هو القلق والاضطراب من العقوبة والمكروه؛ والخشية: هو الخوف من الشخص ذاته، فإذا أراد زيد أن يقتلك فاضطربت وقلقت من القتل هذا يسمى خوفا، أما لو خفت من زيد لذاته بغض النظر عن نوع العقوبة فيقال خشية، وهذا يدلى عليه من القرآن قوله تعالى: {يخشون ربهم ويخافون سوء الحساب} فجعل الخشية لله والخوف للحساب، قوله {الذين هم من خشية ربهم مشفقون} ،