والخوف والاستعانة وهكذا ولا يُذكر فيها الإسلام، فيمكن أن يقال إن المصنف يناقش في ذلك والله اعلم.
ثم يقال إن الإسلام والإيمان والإحسان هذه مراتب للدين بعضها أفضل من بعض وليست أنواع أو قسائم للاستعانة والذبح وغير ذلك. فالخوف مع المحبة قسم وأنواع وليست مع بعضها مراتب.
قال المصنف"أنواع العبادة"الإضافة هنا بتقدير اللام أي أنواع للعبادة. ذكر المصنف هنا أربعة عشر نوعاً من أنواع العبادة ولم يقصد الاستيعاب وإلاّ كانت أكثر من ذلك وابن تيمية في كتاب العبودية أضاف أنواعاً أخرى من أنواع العبادة، ومن ثم فالعبادة جنس تحتها أنواع.
قال المصنف"أنواع العبادة"هذه الأنواع هي التي يُتَدَلل ويخضع بها لله"التي أمر الله بها". والعبادات مأمور بها ولكن أحياناً أمر إيجاب وأحياناً أمر استحباب وكما هو معروف في أصول الفقه أن المستحب والمندوب مأمور به ولكن لا على وجه الإلزام، ومما يدل على أن المندوب مأمور به قوله تعالى: {وافعلوا الخير} .
قال المصنف"التي أمر"ليست للوجوب فقط، بل يدخل العبادات المستحبة ومثّل المصنف لأنواع العبادة فقال"مثل الإسلام والإيمان والإحسان، وتأتي هذه الثلاثة إن شاء الله في باب معرفة دين الإسلام."
قال المصنف"ومنه الدعاء"والضمير في من يعود على الأنواع أي ومن الأنواع لذا جاءت صيغته مذكر وبعد ذلك قال فمن صرف من ذلك شيئاً لغير الله.
قال المصنف"ومنه الدعاء"فيه إشكال، حيث جعل الدعاء جزءاً من العبادة وعليه فالعبادة أعم من الدعاء والمشهور عند بعض أهل العلم أن الدعاء أعم من العبادة حيث قالوا الدعاء قسمين دعاء عبادة ودعاء مسألة، فكيف نوفق بين القولين؟
ومن هنا نطرح سؤالاً: أيهما أعم"العبادة أعم من الدعاء أم الدعاء أعم من العبادة"؟ الذي يبدو أن المسألة حسب الاعتبارات والجواب يكون باعتبارات فإن كانت العبادة بمنعى الذل والخضوع والدعاء بمعنى السؤال والطلب، فهنا العبادة أعم من الدعاء، وإن كان الدعاء بمعنى الذل والخضوع أي بمعنى التعبد والعبادة بمعنى الصلاة والزكاة أي بمعنى المتعبد به فالدعاء أوسع، أي أن الدعاء أعم من العبادة، وهنا المصنف جعل العبادة بمعنى الذل والخضوع وجعل الدعاء بمعنى السؤال والطلب، ولذا جعل العبادة أعم من الدعاء.
ثم سرد المصنف أنواع العبادة وهي أربعة عشر نوعاً ولم نعُدّ منها الإسلام والإيمان والإحسان لأنها أنواع الدين لا أنواع العبادة. فقال"الدعاء والخوف والرجاء .. الخ ثم قال"وغير ذلك من أنواع العبادة لأنه لم يرد الاستيعاب وإلاّ فهناك غيرها كالصبر وصلة الرحم .. الخ
ويأتي حكم من صرف شيئاً لغير الله، ثم ذكر المصنف الدليل على أنه يجب صرفها لله تعالى {وأن المساجد لله فلا تدع مع الله أحداً} ، ومعنى المساجد أي السجود يكون لله، ويقاس عليه بقية العبادات بقياس الشبه وجامع أنها كلها عبادة.
"فلا تدعوا"لا"ناهية، فنهى أن تصرف لغير الله، والملاحظة أن لم يقل فلا"تعبدوا"فجاء الدعاء أعم من العبادة كما سبق."