الفصل الرابع في تقرير شبهات المنكرين للنبوات بالبناء على أن العقل كاف في معرفة التكليف وذلك يوجب سقوط القول بالبعثة والرسالة.
وتقرير كلام هذه الطائفة: أن يقال: القول بصحة البعثة أما أن يحصل مع القول بتحسين العقل وتقبيحه أو مع إبطال هذا الأصل.
القسمان باطلان: فكان القول بالبعثة باطلا أما بيان فساد القسم الأول فيدل عليه وحوه:
الأول: أن الأفعال على ثلاثة أقسام: قسم العقل فيه بالحسن فكان فعله صوابا وحكم العقل يكون واجب القبول وقمس ثان قضى العقل بالقبح والمنع فكان حكمه أيضا واجب القبول.
وقسم ثالث توقف العقل فيه فلم يحكم فيه لا بحسن ولا بقبح. فنقول: هذا القسم على قسمين لأنه أما أن يكون تركه ممكنا أو ممتنعا. فإن كان تركه ممكنا على سبيل السهولة واليسر، كان تركه واجبا لأن الانفكاك عنه ممكن ولم يعلم أنه حسن أو قبيح فكان الاقدام عليه إقداما على فعل لا حاجة إليه مع أن احتمال الضرر قائم فيه والعقل يقضي في مثل هذه الصورة بوجوب الترك والاحتراز لأن الخوف لازم له فالاقدام عليه التزام لضرر الخوف من غير حاجة (ولا ضرورة والتزام الضرر من غير الحاجة قبيح عند العقل فكان حكم العقل خاصلا في هذا القسم: بوجوب الترك