فهرس الكتاب
الصفحة 186 من 256

اعلم: بيان: أن الرسول هو الذي يعالج الأرواح البشرية وينقلها من الاشتغال بغير الله تعالى إلى الاشتغال بعبادة الله تعالى ولما كان المراد من الرسالة والنبوة: هو هذا المعنى فكل من كان صدور هذه الفوائد عنه أكثر وأكمل وجب القطع بأن رسالته أعظم وأكمل وإذا عرفت هذا فتقول: أن تأثير دعوة موسى عليه السلام كانت مقصودة على نبي إسرائيل فقط (1) وأما دعوة عيسى عليه السلام فكأنه لم يظهر لها تأثير إلا في القليل.

وذلك لأنا نقطع بأنه عليه السلام ما دعا إلى الدين الذي يقول به هؤلاء النصارى لأن القول بالأب والابن (وروح القدس: قول بالتثليث والتثليث أقبح أنواع الكفر وأفشح أقسام الجهل ومثل هذا لا يليق بأجهل الناس فضلا عن الرسول المعظم المعصوم. فعلمنا: أنه ما كانت

(1) علماء المسلمين اختلفوا في دعوة موسى عليه السلام. فبعضهم قال: كانت عالمية بدليل أن فرعون وقومه دعاهم موسى إلى الإيمان وبدليل أن ملكة سبا أسلمت مع سليمان - وقد كان سليمان على شريعة موسى - وبأدلة أخرى. وبعضهم قال: كانت خاصة. وذكر الإمام النسفي في أول سورة آل عمران بأن كلمة الناس قد تقيد العموم وقد تفيد الخصوص. وسواء كانت دعوة موسى عامة أو خاصة - ولقد كانت عامة - فإن المسلمين لا يهتمون بالجري بهذا وإنما يهتدون بإثبات أن القرآن قد نسخ التوراة. لأن إثبات النسخ هو القضية الحاضرة أما الخصوص أو العموم لموسى فإن زمان قد مضى

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام