دعوته البتة إلى هذا الدين الخبيث وإنما كانت دعمته إلى التوحيد والتنزيه. ثم أن تلك الدعوة ما ظهرت البتة بل بقيت مطوية غير مروية فثبت أنه لم يظهر لدعوة إلى الحق أثر البتة.
وأما دعوة محمد عليه السلام إلى التوحيد والتنزيه فقد وصلت إلى أكثر بلاد المعمورة والناس قبل مجيئه كانوا على الأديان الباطلة. فعبدة الأصنام كانوا مشتغلين بعبادة الحجر والخشب. واليهود كانوا في دين التشبيه وصنعة التزوير وترويج الأكاذيب والمجوس كانوا في عبادة الإلهين ونكاح الأمهات والبنات. والنصارى كانوا في التثليث تثليث الأب، والابن وروح القدس. والصابئة كانوا في عبادة الكواكب فكان أهل العالم كانوا معرضين عن الدين الحق: والمذهب الصدق فلما أرسله الله تعالى إلى هذا العالم، بطلت الأديان الباطلة وزالت المقالات الفاسدة وطلعت شموس التوحيد، وأقمار التنزيه من قلب كل وأحد وانتشرت تلك الأنوار في المريضة والنفوس الظلمانية كان أتم وأكمل من تأثير دعوة سائر الأنبياء فوجب القطع بأنه أفضل من جميع الأنبياء والرسل، في كل ما يتعلق بالنبوة والرسالة. وهذا برهان ظاهر من باب برهان العلم. فإنا بحثنا عن حقيقة النبوة والرسالة. ثم بينا: أن كمال تلك الماهية ما حصلت لأحد من الأنبياء كما حصل لمحمد عليه الصلاة والسلام.