اعلم أن المنكرين للتكليف فريقان:
منهم من يبني ذلك الإنكار على القول بالجبر ومنهم منن ينكر التكليف لا بالبناء على الجبر بل على طرق أخرى.
الفريق الأول: الذين بنوا إنكار التكليف على الجبر فهؤلاء قالوا: القول بالجبر حق، فالقول بإنكار التكليف حق، فالقول بإنكار النبوة حق. فهذه مقدمات ثلاث:
المقدمة الأولى في بيان أن القول بالجبر حق:
اعلم: أن الكلام في تقريره سيأتي بالاستقصاء في كتب مفرد. إلا أنا نذكر الآن وجوها على سبيل الإيجاز:
فالوجه الأول: إن المتمكن من الفعل أما أن يكون متمكنا من تركه أو لا يكون. فإن كان المتمكن من الفعل متمكنا من تركه. فرجحان جانب الفعل على جانب الترك، أما أن يتوقف على مرجح أو لا يتوقف. فإن توقف على مرجح فذلك المرجح إن كان مت العبد عاد التقسيم الأول فيه، وإن كان من غيره: فحينئذ يلزم الجبر. وأما أن حصل ذلك الترجيح لا لمرجح. أو يقال: أنه ترجح جانب الفعل على جانب الترك لا لمرجح أصلا. فهذا باطل لوجهين: