قال الطاعنون في المعجزات: هب أن الأمة يعرفون باسطة المعجزات: كون الرسول إنسانا أمينا صادقا في دعواه: أما الرسول فكيف يعرف كونه رسولا؟ زذلك لأن ثبوت رسالته، أما أن يكون لأجل أن الله تعالى يرفع الوساطة من البين. ويقول أيها العبد أنت رسولي إلى الخلق، وأما أن يكون لأجل أن الله تعالى يرسل إليه ملكا، ويقول له ذلك الملك: أنت رسول الله - تعالى - إلى الخلق.
أما القسم الأول: فبعيد: أكثر الأنبياء مبقون على أنههم إنما جاءتهم الرسالة من عند الله بواسطة الملك. فبقي القسم الثاني فنقول: كما أن الأمة مفتقرون في التمييز بين المدعي المحق، وبين المدعي المبطل إلى الحجة فكذلك الرسول لا يمكنه التمييز بين الملك المعصوم وبين الشيطان البشرى لا يعرف ما يوافق العادة، في عالم الملائكة وما يخالف العادة هناك. فكل معجز يأتي به الملك في تقرير أنه محق، فإن الرسول البشرى يجوز أن يكون ذلك أمرا موافقا للعادة في علم الملائكة. وبهذا التقدير فإن ذلك الملك لا يقدر على تثرير الحجة على كونه ملكا معصوما.
فإن قالوا: أنه إذا أتى الملك بفعل خاص ثبت بالدليل أنه لا يقدر على إحداثه أحد إلا الله - سبحانه وتعالى - فحينئذ يعرف النبي كونه ملكا