اعلم أن صعوبة هذا العلم تظهر من أصول ثلاثة:
وبيانه من وجوه:
الأول: ان الاستقراء يدل على أن رؤية الصغير من المسالفة البعيدة ممتنعة. وإذا ثبت هذا فنقول: أن أصغر كوكب من الكواكب الثابتة - وهو الذي تمتحن برؤيته القوة البارصرة - مثل الأرض بضع عشرة مرة: فلو قدرنا أن هذه الكواكب حصلت في الفلك الأعظم لصارت المسافة أعظم فحينئذ كان يمتنع إبصاره لا محالة. وإذا ثبت هذا فنقول: أنه يقال: أن عطارد جزء من ثلاثين ألف جزء من كرة الأرض وهو غاية فلو قدرنا حصول كواكب مساوية لعطارد في الجزم على الفلك الأعم. أعني الجزم الأول لكانت رؤيتها ممتنعة قطعا فثبت: أن عدم أبصرنا لأمثال هذه الكواكب لا يدل البتة على عدها فإن قالوا لو حصلت هذه الكواكب الصغيرة لم تكن لها قوة أصلا لأجل أن صغرها يوجب ضعفها.