الأشياء متحركة ويحصل لها بسبب حركاتها المختلفة: نسب مختلفة وتكون تلك النسب المختلفة: مباديء لحدوث الحوادث المختلفة في الكون والفساد ومعلوم أن تلك الأجسام المختلفة المركوزة في جواهر الأفلاك ليست إلا الكواكب فثبت بما ذكرناه أن مباديء الحوادث الحادثة في هذا العالم ليست إلا الانصالات الكوكبية. فهذا هو البرهان الذي عليه تعويل الفلاسفة في إثبات هذا المطلوب.
وأما الحجة الثانية - وهي الحجة الاقناعية - فهي أنهم قالوا: أنا قد ذكرنا وجوها كثيرة دالة على أن أحوال هذا العالم مرتبطة بأحوال الششمس في كيفية حركتها تحت منطقة البروج فإن بهذا السبب تصير الشمس تارة شمالية وتارة جنوبية ولأجل هذا الاختلاف تحصل الفصول الأربعة وبسببها تختلف أحوال هذا العالم وأيضا بسبب طلوع السمش وغروبها في اليوم تختلف أحوال هذا العالم وهذا استقراء قوي، وبيان تام في استناد أحوال هذا اعالم بحركات الكواكب.
ثم تأكد هذا البيان بنوع آخر من البيان وهو أن الناس منذ كانوا في قديم الدهر كانوا مستمسكين بعبم النجوم ومعولين عليها. فإنك ترى لكل النجوم. فإنك لا تصل إلى تاريخ إلا وترى أن هذين العلمين كانا موجودين قبله ولو كان هذا العلم باطلا لامتنع إطباق أهل الدنيا من الدهر الدهر إلى هذا اليوم على التمسك به والرجوع إليه.؟؟؟
فهذه الوجوه: بيانات ظاهرة في صحة هذا العلم والله أعلم.