فلهذا السبب ألو ما ذكر الله تعالى في القرآن هذه المراتب. وهي سبعة:
المرتبة الأولى: إزالة ما لا ينبغي وهو المراد بالتقي فلهذا بدأ الله بذكره فقال {هدى للمتقين} وأما سائر المراتب بعد ذلك فهي إشارة إلى تحصيل ما ينبغي وأشرف ما يتعلق بالأنسان هو النفوس وأوسط المراتب هو البدن وأدونها المال. ولهذا ذكر بعد قوله هدى للمتقين قوله تعالى: {يؤمنو بالغيب} فإن محل الإيمان هو القلب وبعده قوله: {ويقيمون الصلاة} لأنها تتعلق بالبدن وآخره قوله: {ومما رزقناهم ينفقون} لأنه يتعلق بالمال.
ولما ذكر هذه الأحوال الأربعة المتعلقة بالالهيات أردفها بذكر مرتبتين متعلق بالنبوات. فقال: {والذين يؤمنون بما أنزل إليك} وهذا إشارة إلى وجوب الإيمان بالرسل الحاضر ثم قال بعده: {وما أنزل من قبلك} وهو في باب النبوات. ثم قال: في المرتبة السابعة: {وبالآخرة هم يوقنون} وهو الإشارة إلى الإيمان بالبعث والقيامة. ثم لما ذكر هذه المراتب السبعة وهي الأحوال المتعلقة بالأمس واليوم والغد فقد تمت المطالب وكملت المصالح فلهذا قال: بعده: {أولئك على هدى من ربهم، وأولئك هم المفلحون} وذلك لأن الإنسان ما دام يكون في الدنيا فهو في الطريق وأحسن أحوال المسافر إلى المقصد أن يكون على هدى من معرفة الطريق، وإذا مات فقد وصل المسافر إلى المقصد. وأحسن أحواله أن يكون قد أفلح في ذلك السفر، وفاز بالخيرات فثبت بما ذكرنا: أن هذا الطريق في الدعوة: أحسن الطرق.
ولو اشتغلنا بيان ما في هذه الشريعة من أنواع الأسراء القدسية والأنوار العلوية لطال الكلام فاكتفينا بما سبق من الكلام والله أعلم.