فهرس الكتاب
الصفحة 96 من 256

وأما القسم الثاني: وهو أن لا يكون تركه ممكنا فههنا حكم العقل حاصل فيه بالجواز لأن العقل علم أن إله العالم حكيم رحيم وأنه لا يكلف عباده فوق قدرتهم وطاقتهم فإذا كان ذلك الفعل مما لا يقدر العبد على الانفكاك عنه فلو أمره الله تعالى بالانفكاك عنه لكان قد كلفه ما لا طاقة له به وذلك قبيح عند العقل ونحن إنما نتكلم الآن على تقدير أن يكون تحسين العقل وتقبيحه معتبرا فثبت: أن حكم العقل حاصل في هذا القسم أيضا.

فقد ظهر بهذا البحث أن حكم العقل حاصل في جميع أقاسم الأفعال. وإذا كان العقل كافيا في معرفة ما يجب وما يجوز ويحرم لم يكن في البعثة فائدة.

فإن قالوا: لم لا يجوز أن يقال تحسن بعثة الأنبياء والرسل؟ لوجه:

الأول: تأكيد ما في العقول.

والثاني: أنه قد يحصل في بعض الأشياء منافع ومصالح لا يمكن الوقوف عليها بمجرد العقول فتحسن بعثة الأنبياء والرسل ليدلوا عليها ويعرفوا الخلق ما فيها من المنافع والمصالح.

والثالث: أن عقول الخلق ناقصة قاصرة عن معرفة الله تعالى ومعرفة كيفية طاعاته. فكانت الحكمة في بعثة الأنبياء والرسل عليهم السلام إرشاد الخلق إلى معرفة ذات الله تعالى وصفاته ومعرفة كيفية طاعاته.

والرابع: إنما أمر الله تعالى بهذه العبادات الشرعية لتكون ألطافا في الواجبات العقلية وهذا قول المعتزلة.

أما الأول: فضعيف لأنه لما كان العقل مستقلا بمعرفة وجوه الحسن ولقبح والمصلحة والمفسدة كان أصل المقصود حاصلا وأما

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام