والمخافات وفلو أراد بهم خيرا لخلقهم على هذه الصفة ولما لم يفعل ذلك بل سلط عليهم الشهوات والشبهات وملأ العالم من الشياطين علمنا: أنه ما أراد بهم خيرا وإذا كان الأمر كذلك امتنع أن يقال أنه كلفهم لأجل التعريض للمصالح.
أما الأول وهو أنه كلفهم لا لغرض ومصلحة فهذا عبث والعبث قبيح في العقول ونحن إنما نتكلم الآن على تسليم أن يكون تحسين العقل وتقبيحه معتبرا في أفعال الله تعالى وفي أحكامه، وجب الجزم بفساد التكليف وبفساد بعثة الأنبياء والرسل.
وأما القسم الثاني: وهو أن يكون الحق هو أن تحسين العقل وتقبيحه باطل وغير معتبر في أفعال الله تعالى وفي أحكامه.
فنقول: فعلى هذا التقدير كان القول بفساد التكليف والبعثة: أظهر. لأن على هذا التقدير لا يمتنع إظهار المعجز على يد الكاذب ولا يمتنع إرسال الرسل (بالفحش والكذب وشتم الله وشتم الملائكة ولا يمتنع إرسال الرسل) إلى الجمادات ولا يحصل الوثوق بوعد الله تعالى ولا بوعيده. وكل ذلك يوجب القول بفساد التكليف (والبعثة فثبت أنه لو صح القول بالتكليف) وبعثة الأنبياء والرسل لصح أما على تقدير أن يكون تحسين العقل وتقبيحه معتبرا وأما على تقدير ان لا يكون ذلك معتبرا وثبت أنه باطل على التقديرين فكان ذلك أيضا باطل.