فهرس الكتاب
الصفحة 183 من 256

وذكر أيضا قوله: {ليس كمثل شيء} ولو كان جسما لكان ذاته مثلا لسائر الأجسام. بناء على قولنا: ان الأجسام بأسرها متماثلة. ثم أنه ذكر في جانب الإثبات ألفاظا كثيرة، وبالغ فيها وهذا هو الجواب لأنه لو لم يذكر هذه الألفاظ لما تقرر عند الأكثريين موجودا. وأيضا: بالع في تقرير كونه عالما بجميع المعلومات: فقال: {وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو} وقال: {الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الارحام} ثم لم يقع له خوض في بيان أنه عالم لذاته أو بالعلم.

وأيضا بين كون العبد فاعلا وعاقلا وصانعا وخالقا ومحدثا في آيات كثيرة. ثم بين في سائر الآيات: أن الخير والشر كله من الله تعالى، ولم يبين أنه كيف يجمع بين هذين القولين بل أوجب الإيمان بهما على سبيل الإجمال وأيضا بين أنه لا يعزب شيء عن مشيئة الله تعالى وإرادته وقضائه وتقديره شيء البتة ثم بين أن لا يريد الظلم والعبث والباطل ولا يفعله.

فالحاصل: أن طريقة نبينا في الدعوة هي تعظيم الله تعالى جميع الجهات المعقولة والمنع من الخوض في بيان أن تلك الجهات هل تتناقض أم لا؟ فإنا قلنا القبائح من أفعال العباد وحصلت بتخليق الله تعالى فقد عظمناه بحسب القدرة لكن ما عظمناه في الحكمة ولكن ما عظمناه في الحكمة وإن قلنا أنها ليست من الله تعالى فقد عظمناه بحسب الحكمة ولكن ما عظمناه بحسب القدرة. وأما القرآن فإنه يدل على تعظيم الله تعالى بحسب القدرة وبحسب الحكمة معا فقال في الأول قل كل من عند الله وقال في

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام