فهرس الكتاب
الصفحة 178 من 256

وصحيفة فلا مقصود منه إلا هذه المراتب الأربعة المذكورة ومن ومن وقف على أسرار هذه السورة على الذي لخصناه على أن حقيقة القول في النبوة: ليس إلا ما ذكرناه.

ومن جملة السور اللائقة بهذا المعنى: سورة العصر فبدأ بقوله: {إن الإنسان لفي خسر} وذلك لأنا بينا أنه حصل في بدنة تسعة عشر نوعا من أنواع القوة، وكلها تجره إلى الدنيا وطيباتها ولذاتها. وهي الحواس الخمس الظاهرة ولخمس الباطنة والشهوة والغضب والسبعة النباتية فمجموعها تسعة عشر وهي الزبانية الواقفة على باب جهنم: الجسد.

وأما العقل فإنه مصباح ضعيف إنما حصل بعد استيلاء تلك الدنيا يستولي على النفوس والأرواح. فإذا مات البدن بقيت النفس في الخسران والحرمان. فلهذا قال: {إن الإنسان لفي خسر} ثم إن استثني من هذا الخسران إنسانا يتناول ترياق الأربعة وهو ترياق روحاني مركب من أخلاط أربعة روحانية أولها: كمال القوة النظرية وهو قوله: {إلا الذين آمنوا} وثانيهما: كمال القوة العملية وهو قوله: {وعلموا الصالحات} وثالثها: السعي في تكميل القوة لنظرية للغير وهو قوله: {تواصوا بالحق} ورابعها: السعي في تكميل القوة العلمية للغير وهو قوله: وتواصوا بالصبر وإنما عين الصبر لأن البلاء الأكبر في دعاء الشهوة إلى الفساد والغضب إلى الإيذاء وسفك الدماء، كما أخبر عن الملائكة أنهم قالوا: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} فإذا قدر الإنسان على الصبر عن إجابة الشهوة والغضب فقد فاز بكل الخيرات في القوة العلمية.

ومن جملة الآيات الدالة على صحة ما ذكرناه: أنه تعالى لما حكي عن الكفار أنهم طلبوا منه المعجزات القاهرة في قوله: وقالوا: لن نؤمن لك

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام