المذمومة ولما ذكر ذلك أتبعه بتحصيل ما ينبغي وذلك أما في القوة النظرية أو في القوة العملية.
ورئيس المعارف النظرية: ذكر الله تعالى ومعرفته، ورئيس الاعمال الفاضلة: خدمة الله تعالى. فلهذا قال: {وذكر اسم ربه} وهو إشارة إلى استسعاد الإنسان في تكميل قواته النظرية بإشارة الأنبياء. وقوله: {فصلى} إشارة إلى استسعاده في تكميل قوته العملية بإرشادهم وهدايتهم ثم عاد إلى بيان أحوال المعرضين عن الانتفاع بإرشاد الأنبياء - عليهم السلام - وهدايتهم. وبين أن ذلك الأعراض إنما تولد عن حب الدنيا وقوة الرغبة فيها فقال: {بل تؤثرون الحياة الدنيا} ثم بين أن الرغبة في الروحانية التي تحصل في عالم الآخرة راجحة على لذات هذه الدنيا من وجهين:
أحدهما: إنها خير من اللذات الجسمانية. وقد سبق تقريره في كتاب النفس.
والثانية: أنها أبقى من هذه الجسمانيات. وذلك معلوم بالضرورة. واعلم أنه ظهر بهذه الآيات أمور أربعة: فأولها: أحوال الإلهيات. وثانيها: صفات النبي والرسول. وثالثها: انقسام المستعين إلى من ينتفع بإرشاد الأنبياء - عليهم السلام - وإلى من لا ينتفع به وبيان أحوال كل واحد من هذين القسمين. ورابعها: التنبيه على أن خيرات الآخرة أفضل وأبقى من خيرات هذه الحياة الدنيا. والأفضل الأبقى أولى بالتحصيل.
وعند هذا قد تم كل ما يحتاج الإنسان إليه في معرفة المبدأ ومعرفة صفات الأنبياء - عليهم السلام - ومعرفة أحوال النفس ومعرفة الآخرة.
ثم ختم السورة بقوله: {إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى} والمعنى: أن كل من جاء من الأنبياء وأنزل الله عليه كتابا