فهرس الكتاب
الصفحة 163 من 256

التقدير القول بأن أفني الشخص الأول في تلك اللحظة اللطيفة وأوجد شخصا آخر يماثله من كل الوجوه: محتمل.

فثبت بهذا البرهان القاطع: أن تجويز هذا المعنى قائم على جميع التقديرات. ثم أنا مع علمنا بهذا التجويز، نعلم بالضرورة أن هذا الشخص الذي أراه في هذه اللحظة هو بين الشخص الذي رأيته قبل ذلك بلحظة أو بيوم أو شهر.

واعلم: أنك إذا عرفت حقيقة الحال في هذا المثال، أمكنك معرفة امثلة خارجة عن الحد والاحصاء موافقة لهذا المطلوب.

وأما الأصل الثالث: فهو أن تعلم أن تحسين العقل وتقبيحه باطل لا عبرة به ولا التفاوت إليه، في أفعال الله تعالى وفي أحكامه.

وغذا عرفت هذه الأصول الثلاثة فحينئذ يظهر القول بصحة النبوات: ظهورا ولا يبقى فيه شك ولا شبهة. وتقريره: أن نقول: فاعل جميع هذه المعجزات هو الله تعالى لأنا بينا في الأصل الأول أنه لا مؤثر ولا موجد ولا مكون إلا الله تعالى ثم نقول: وأنه تعالى إنما خلقه لأجل تصديق هذا المدعي. فأما قولهم: أنه يجوز أن يكون قد خلقها لأغراض أخرى فنقول: ذلك التجويز قائم في الجملة. لأنا نقول: قد بينا أن قيام تجويز الوجوه الكثير قد لا يمنع من حصول القطع والجزم بواحد منها كما ذكرناه في المثال في القسم الثالث فندعي: أن الأمر في هذه المسألة كذلك. والدليل عليه: أن موسى - عليه السلام - لما أمر القوم ببعض التكاليف وأبوا وأصروا طلب منن الله - تعالى - أن يوقف الجبل فوق رؤوسهم ثم أنهم كانوا يشاهدون أنهم كلما قصدوا الطاعة والامتثال فذلك الجبل يتباعد عن رؤوسهم وكلما قصدوا العود إلى العتو والإصرار والفكر فذلك

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام