فهذا هو أحد الأصول الثلاثة التي لا بد من معرفتها في هذا الباب.
الأصل الثاني من الأصول التي عليها مدار إثبات النبوات: أنه لا يمتنع أن يكون الشيء معلوم الجواز والإمكان، ومع ذلك فإن يكون الجزم والقطع حاصلا بأنه لم يوجد ولم يحصل.
وبيانه: إني إذا رأيت زيدا، ثم غمضت العين، ثم أني نظرت إليه في المرة الثانية مع أن التجويز القطعي قائم بكونه مغايرا لذلك الأول وبيانه أن الحادث أما أن لا يفتقر إلى المؤثر أو يفتقر إليه، والقسم الثاني فمؤثر العالم أما أن يكون موجبا أو مختارا. وظاهر أنه ليس وراء ليس وراء هذه الأقسام الثلاثة قسم البتة.
أما القسم الأول: وهو أن يقال: لا مؤثر لهذه الحوادث فعلى هذا التقدير يكون الوجود بعد العدم، والعدم بعد الوجود: حاصلا بمحض الاتفاق من غير سبب أصلا. وإذا جاز ذلك، جاز أيضا أن يقال: أتفق أن ذلك الشخص الأول قد عدم في تلك اللحظة اللطيفة وحصل الشخص الثاني على سبيل الاتفاق. لأن القول بالاتفاق لما كان واقعا في بعض الصور كان احتماله قائما في كل الصور.
وأما القسم الثاني: وهو أن يقال مؤثر العالم موجب بالذات، فذلك الاحتمال أيضا قائم، لأن فيضان الآثار الحادثة عن ذلك المبدأ القديم لا بد وأن يكون موقوفا على حصول شكل فكلي خاص. وإذا ثبت هذا فنقول: لم لا يجوز أن يقال: انه حصل شكل فلكي عجيب غريب: اقتضى فناء ذلك الشخص الأول في تلك اللحظة اللطيفة وحصول شخص آخر يماثله دفعة.
وأما القسم الثالث: وهو أن يقال: مؤثر العالم فاعل مختار فعلى هذا