والشيء الواحد في نفسه لا يقبل التفاوت أصلا. وإذا كان هو في نفسه غير قابل للتفاوت كانت القدرة على إيجاده قابلة للتفاوت أصلا وإذا كان كذلك امتنع أن يقال: أن أحد المؤثرين أقوى وأكمل في التأثير بالنسبة إلى ذلك الشيء الواحد بل قد يعقل كون أحدهما قادرا على أشياء سوى ذلك الواحد لكن المطلوب ههنا بيان أن القدرة والقوة بالنسبة إلى ذلك الشيء الواحد لا تقبل التفاوت. وإذا ثبت حصول الاستواء بين هذين المؤثرين كان القول بأن أحدهما أولى بالتأثير موجبا رجحان أحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح وهو محال.
فثبت بما ذكرنا: أن جميع الممكنات مقدورة لله تعالى، وثبت أنه متى كان الأمر كذلك كان القول بإثبات مؤثر غير الله تعالى يفضي إلى هذه الأقسام الباطلة فكان القول به محالا. فثبت بهذا البرهان القوي الكامل أنه لا مؤثر في الوجود إلا الله أصلا.
الحجة الثانية: إن الإمكان علة للحاجة إلى المؤثر فإما أن يكون علة للحاجة إلى مؤثر بعينه أو لا بعينه والثاني باطل. لأن باطل. لأن كل ما كان موجودا في نفس الأمر فهو متعين في نفسه فما لا يكون متعينا في نفسه امتنع كونه موجودا في نفسه وما كان ممتنع الوجود امتنع أن يكون علة لوجود غيره، ولما بطل هذا القسم، بقي القسم الأول وهو أن الإمكان علة للحاجة إلى شيء بعينه فوجب أن يكون كل، ممكن محتاجا في وجوده إليه، وإذا كان كذلك فلا مؤثر إلا الواحد.