فثبت بهذا أن القول بالتشبيه غالب على هذه الشرائع.
الوجه الثاني في بيان هذا المعنى: أن القرآن مملوء من الجبر ومن القدر. والآيات الواردة فيه أكثر من عدد الرمل والحصى. ولا شك أنها متناقضة وأن التوفيق بينها لا يحصل إلا بتعسف شديد وهذا يدل على أن صاحب هذا الكتاب كان مضطرب الراي في الخبر والقدر غير جازم بأحد الطرفين.
الوجه الثالث: أنه ما ظهر من الأنبياء سعي تام في البحث عن ذات الله تعالى وصفاته، وكيفية ما يجب ويجوز ويستحيل عليه، وكيفية أفعاله. ولم يتكلموا في إثبات النفس وحدوثها وبقائها بل تركوا هذه الأصول بالكلية وأكثروا المبالغة في تقرير موضوعاتهم الجديدة وفي نسخ موضوعات المتقدمين.
إذا ثبت هذا فنقول: أطباقهم على التساهل في الأمور الغالبية العظيمة وعلى التشديد في الأمور الهينة يدل على أن المطلوب من هذه الشرائع تقرير مطالب الدنيا.
الوجه الرابع: أن الشرائع مشتملة على التكليف بالقتل وأخذ المال. وهذا على خلاف العقل. لأنا نقول: خالق هذا الكافر كان في أول الأمر قادرا على أن لا يخلقه وبعد أن خلقه فهو قادر على أن يميته. فإن كان الصلاح في إفنائه وإعدامه فلم خلقه؟ وإن كان الصلاح في ابقائه وإحيائه. فلم أمر بقتله؟ فإن قالوا لم لا يجوز أن يحصل للقاتل بسببه ذلك المقتول نوع مصلحة؟ فنقول: لكنه حصل للمقتول أعظم أنواع الضرر وهو القتل في الدنيا والوصول إلى أشد العذاب في الدينا والآخرة، لأجل أن