الأول أن ذلك الملك لعله وقع على ثبوته في تلك الساعة حية أو عقرب فلأجل احترازه عنه قام ذلك الملك لا لغرض تصديق المدعي.
والثاني: لعله لاح له من البعد شيء احتاج إلى معرفته فقام ليتمكن من رؤيته كما ينبغي.
الثالث: لعله قام غضبا على ذلك القائل المدعي أو استهزاء به، ويكون مقصوده: أنه وأن فعل ما التمسه منه ذلك الطالب لكنه لا يلتفت إليه ولا يقيم له وزنا نعم لا ينكر أن صدور ذلك الفعل من ذلك الملك في ذلك الوقت على وفق دعوى المدعي يوهم إيهاما ضعيفا: أن الغرض هو تصديق ذلك المدعي. فأما أن يقال: أن يفيد القطع والجزم بأنه لا غرض له فيه إلا هذا التصديق: فبعيد.
والاعتراض الثاني: أن نقول سلمنا أن في الشاهد كما ذكرتم فلو قلتم: أنه يجب أن يكون في حق الله تعالى كذلك؟
والفرق من وجوه:
الأول: أنا إنما قضينا على ذلك الملك بكونه مصدقا لذلك المدعي في دعواه: إذا عرفنا أنه يراعي مصالح ملكه. وأنه لا يفعل فعلا تتشوش بسببه مملكته إما إذا اعتقدنا في ذلك الملك أنه لا يبالي بالمصالح المفاسد البتة فإنه لا يحصل هذا الظن. أو أن اعتقدنا فيه أنه يراعي المصالح والمفاسد. لكنا نعتقد فيه أنه أنها بعيد الغور عظيم الفكر كامل العقل قد يأتي بأفعال يظن بها أنها توجب المفاسد العظيمة إلا أنه بعقله الكامل وفكره الغائص يعرف فيها من وجوه المصالح الخفية ما لا يقف عليه الغير البتة. فإذا اعتقدنا في الملك هذه الصفة لم يصر ظاهر أفعاله دليلا على التصديق والتكذيب ومن المعلوم أن أقسام حكمة الله تعالى في