فهرس الكتاب
الصفحة 116 من 256

ولوقوف على المغيبات وعلماء الأحكام من الزمان الأقدم إلى عهدنا هذا مصرون على صحة هذه الدعاوي وجازمون بأن كل من جرب أحوال الطوالع علم يقينا أن لهذه الأسباب آثارا قوية في هذا الباب.

إذا عرفت هذا فنقول: نحن لا ندعي صحة هذه الأصول، ولا ندعي أنها معلومة أو مظنونة بل نقول: لا أقل من أن يكون الأمر على ما قالوه قائما. وبتقدير أن تصح كل هذه الأشياء أو بعضها فإنه لا يمتنع أن يكون اختصاص مدعي النبوة والرسالة بهذه المعجزات إنما كان لأجل اشتمال طالع عجيبا يقتضي حصول هذه السعادات. لعله وقع سهم الغيب في طالعه وقوعا يقتضي قدرته على الاخبار عن الغيوب.

وأنا أقول: إني قد رأيت إنسانا لم يتفق في طالع مولده شيء من الأشياء الكاملة إلا أنه كانت الشعرى اليمانية واقعة على درجة تاسعة. فلا جرم بلغ في العلوم النقلية والعقلية مبلغا عاليا من غير حاجة إلى تحمل تعب في المطالعة والتحصيل.

وإذا ثبت أن هذا الاحتمال قائم ظهر أنه لا سبيل البتة إلى القطع بأن هذه الخوارق التي ظهرت على الأنبياء من فعل الله تعالى.

وحكى محم بن زكريا الرازي في بعض كتبه أنه رأى رجلا يهوديا كان يستخرج الخبيء والضمير على أحسن الوجوه وبقي على تلك الحالة سنين ثم زالت عنه تلك الحالة قال: فاخبرني جماعة من المنجمين:

إن الجنان تجتاز الرجل.

كأنه وقع في سهمه: قسمة توجب التكهن فلما زالت تلك القسمة زالت تلك الصفة عن ذلك الرجل.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام