واتفقوا على وجود شيء قادر قاهر يدعو إلى الخير والصلاح والدين فإذا ظهر على يد الرسول هذا المعجز فكيف يعرف أنه من إعانة الأرواح الظاهرة المطيعة وليس من إعانة ذلك الروح المفسد المؤذي؟
والوجه الثاني: إنا نورد هذا السؤال على عبادات الصابئة والفلاسفة: وذلك لأن الكل اتفقوا على إثبات الأرواح الفلكية واتفقوا على أن لكل واحد منها نوعا من التأثيرات في هذا العالم والشرائع أيضا ناطقة بذلك فإنهم أثبتوا ملكا هو ملك الجبال وملكا آخر، هو ملك البحار، وملكا ثالثا هو ملك الأمطار، ورابعا هو ملك الأرزاق وخامسا هو ملك الموت وسادسا وهو ملك الحرب للقتل. والهند اتفقوا على ذلك على ما شرحنا مذابهم في هذا الباب وإذا كان الأمر كذلك فلم لا يجوز أن تكون هذه المعجزات من أفعال هذه الأرواح؟ بل نقول: إن هذا القول وهو القول المتفق عليه بين الصابئة والفلاسفة وأهل الهند وأصحاب الطلسمات. وإذا كان هذا ولا متفقا عليه بين الفرق فما لم تذكروا في إبطاله دليلا لم يحصل المقصود البتة.
الاحتمال الخامس: أن نقول: اتفقت الفلاسفة على أن للأجرام الفلكية والاتصالات الكوكبية تأثيرات مخصوصة في أحوال هذا العالم وقد اشتهر في السنة المنجمين: أن للكواكب الثابتة عطايا عظيمة في السعادة والنحوسة والذكاء والبلادة. واتفقوا أيضا على أن للقرانات آثارا عظيمة في هذا الباب. واتفقوا على انه لا تختلف أحوال تلك القرانات إلا بسبب وقوع الثواب في البيوت المناسبة لها. واتفقوا على أن لسهم السعادة تأثيرا في إعطاء السعادات ولسهم الغيب تأثيرا قويا في إعطاء المعارف الحقة