وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ [البقرة: 285] والقرآن أيضا على أنهم أصحاب القدرة الظاهرة والقوى الغالبة فإن جبريل عليه السلام قلع مدائن قوم لوط من قعور الأرض ورفعها إلى قريب من السماء ثم رماها على الأرض وأيضا: القرآن يدل على أن القرآن إنما وصل إلى محمد عليه الصلاة والسلام من قبل جبريل فإنه قال: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} [البقرة: 97] وقال: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [التكوير: 17 - 19] فبين أن هذا القرآن إنما وصل إلى محمد عليه السلام بواسطة رسول كريم وقال أيضا: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} [النجم: 5، 6] .
إذا عرفت هذا فتقول أنا قبل العلم بعصمة الملائكة عن القبائح والأكاذيب والأضاليل نجوز أن تكون هذه المعجزات إنما ظهرت على الأنبياء من قبلهم وبإعانتهم على هذا التقدير فلا يبقى في هذه المعجزات فائدة البتة ما لم نعلم كون الملائكة معصومين من الأباطيل والأكاذيب والعلم بعصمتهم لا حصل من الدلائل العقلية بل من الدلائل النقلية فعلى هذا بتوقف حصول العلم بصحة الدلائل النقلية والعلم بصحة الدلائل النقلية يتوقف على العلم بصدق الرسل في ادعاؤ الرسالة والعلم بصدقهم يتوقف على عصمة الملائكة وذلك دور والدور باطل.
والذي يقرر هذا السؤال وجهان:
الأول: أن الناس اتفقوا على وجود شيء قادر قاهر مستولي على هذا العالم وهو المسمى إبليس وأنه لا يدعو إلا إلى الأباطيل والفكر