فهرس الكتاب
الصفحة 111 من 256

يختص بمعرفة أشياء لا يعرفها غيره: أمر معتاد وإذا كان هذا معتادا فقد خرج ذلك عن أن يكون معجزا.

فهذا تمام القول في هذا السؤال.

الاحتمال الثالث: أن يقال أن أرباب الملل والنحل أطبقوا على غثبات الجن والشياطين واتفقوا على انهم يقدرون على الاتيان بما يعجز عنه البشر وأيضا: فهب ان أرباب الملل لم يتفقوا على هذا المعنى إلا أن تجويزه قائم في أول العقل. وإذا كان كذلك فبتقدير أن يصح ذلك لم يمتنع أن يكون الفاعل لهذه المعجزات واحدا من الجن أو الشياطين ومع قيام هذا الاحتمال كيف يمكن الجزم بأن فاعل هذه المعجزات هو الله تعالى؟ والعجب أن الناس يجوزون دخول الجني في بدن المصروع ويجوزون أن يتكلم الجني على لسان المصروع وأن يخبر عن الغيوب على لسان المصروع فلما جوزوا ذلك فلم لا يجوزون أن الذئب لما تكلم مع الرسول عليه السلام أو الجمل لما تكلم معه أو الذراع المسموم لما تكلم معه فذلك الكلام إنما حصل لأجل أن الجني نفذ في بطن ذلك الذئب والجمل والذراع؟ ومع هذا الاحتمال فكيف قطعوا بأنه معجز حصل بخلق الله تعالى؟

ولم لم يجوزوا أن يقال: إن انقلاب العصا حية كان من هذا الباب؟ وأيضا: فلم لا يجوزون أن يقال أن فصاحة الجن ومردة الشياطين كانت وافية بمثل فصاحة القرآن فأتوا بهذا القرآن من عند أنفسهم وألقوه على الرسول؟ ومع هذا الاحتمال فكيف يمكن القطع بأنها من فعل الله؟

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام