فهرس الكتاب
الصفحة 103 من 256

الأول أن قالوا: العلوم قسمان بديهية وكسبية. والكسبيات مفرعة على البديهيات وإذا كان كذلك كان كل كسبي يوجب القدح في البديهي كان كالفرع القادح في الأصل وكل ما كان كذلك كان فاسدا.

فعلمنا: أن المعلوم الكسبية يمتنع كونها قادحة في العلوم البديهية ثم لما أردنا أن نبحث عن حقيقة العلوم البديهية لم نجد لها معنى إلا العلم الحاصل في نفس ابتداء على سبيل الجزم من غير أن يقدر الإنسان على تشكيك نفسه فيه وكل ما كان كذلك كان علما بديهيا.

إذا عرفت هذه المقدمة: فنقول: أنا إذا رأينا إنسانا شابا قطعنا بأنه كان جنينا في رحم أمه ثم بعد الانفصال من رحم أمه كان طفلا ثم صار شابا. ولو أن قائلا قال: أنه ما كان كذلك بل أنه حدث الآن شابا من غير هذه المقدمات والسوابق قطعنا: بأنه كاذب في هذا القول وجزمنا بان الذي يقوله: بادل وبهتان. ولما كان هذا الجزم حاصلا ابتداء من غير أن يستفاد ذلك الجزم من دليل متقدم ومن قياس سابق علمنا أنه جزم بديهي وعلم أولي وإذا ثبت هذا فنقول: لو قلنا أن حدوث إنسان شاب، ابتداء من غير تلك المقدمات والسوابق ممكن لزم أن يحصل مع هذا التجويز ذلك القطع والجزم. لكنا بينا أن ذلك القطع والجزم بديهي. فثبت أن الحكم بهذا التجويز حكم نظري يوجب القدح في البديهي.

وقد بينا أن كل ما كان كذلك فإنه باطل فيوجب أن يكون الحم بهذا التجويز باطلا فثبت بهذا الطريق أن القول باخراق العادات عن مجازيها قول باطل.

إذا عرفت هذا الأصل فلنذكر له أمثلة:

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام