وقرروا ذلك بأن قولوا: البدن الإنساني إنما تولد من مقادير مخصوصة من العناصر الأربعة فتلك المقادير اختلطت وامتزجت في مدة معلومة فحصل بسبب ذلك الامتزاج كيفية مزاجية معتدلة وإذا تم حدوث البدن بهذا الطريق وجب حدوث النفس المتعلقة بتدبير وحينئذ يتم تكوين الإنسان.
قالوا إذا ثبت هذا فنقول: أنه لا يمتنع حصول أجزاء مخصوصة من العناصر الأربعة على تلك المقادير المعلومة ولا يمتنع اختلاطها وعند اختلاطها لا بد وأن يتكون ذلك المزاج. وعند تكونه لا بد وأن يتحدث تلك النفس والموقوف على الممكن: ممكن فكان حدوث الإنسان المعين على سبيل التولد: ممكنا وغذا كان ذلك ممكنا كان انخراق العادات على قولهم جائزا لازما.
المسألة الثانية: أن هيولي عالم الكون والفساد هيولي مشتركة بين الكل وإنما اختص هيولي الجسم المعين بالصورة المعينة لأن شكلا فلكيا اقتضى كن تلك المادة مستعدة لقبول تلك الصورة الخاصة والأشكال الفلكية غير مضبوطة وغير معلومة وبهذا التقدير فإنه لا نوع من أنواع الخوارق إلا وهو ممكن محتمل فهذا شرح مذاهب الفلاسفة في هذا الباب.
وأما المعتزلة: فكلامهم في هذا الباب مضطرب جدا. فتارة يجوزون خوارق العادات وأخرى يمنعون منه وليس لهم بين البابين قانون معلمو وطريق مضبوط.
فهذا التنبيه على مذاهب الناس في هذا الباب.
واحتج المانعون من انخراق العادات بوجهين: