فهرس الكتاب
الصفحة 770 من 2064

معلوم بالضرورة أيضا أنه لو لم يجد المرجح لم يتوقف متفكرا فيه حتى يفترسه السبع وكذلك العطشان إذا كان عنده قدحان من ماء وفرض استواؤهما من جميع الوجوه فإنه يختار أحدهما بلا داع له يرجحه في اعتقاده على الآخر وكذلك جائع عنده رغيفان متساويان من جميع الجهات فإنه يختار أحدهما من غير داع يدعوه إليه وإذا ثبت في هذه الأمثلة وجود الإرادة بدون اعتقاد النفع أو ظنه ثبت وجودها بدون الميل التابع لهما إذ لا وجود للتابع بدون المتبوع والمعتزلة ادعوا الضرورة بأن من استوى عنده الطرفان لا يرجح باختياره أحدهما على الآخر إلا لمرجح يختص بذلك الطرف فما دام الاستواء لا يتصور منه ترجيح أصلا والجواب منع الضرورة والمعارضة بالضرورة في الأمثلة المذكورة فإنا نعلم بالضرورة وجود الترجيح فيها بلا مرجح وداع كما تحققته فإن قيل من البين أن الفعل في هذه الأمثلة راجح على الترك فلا تساوي فيها بينهما قلنا سلوك أحد الطريقين يستلزم ترك سلوك الآخر وبالعكس فإذا استوى السلوكان فقد استوى سلوك أحدهما وتركه على وجه مخصوص وهو أن يتركه سالكا للآخر وأيضا السلوكان أمران مقدوران متساويان وقد رجح أحدهما بلا داع إليه وهو المطلوب نعم للمعتزلة أن يقولوا ليس يلزم من فرض التساوي وقوعه ولا بد في هذه الصور المفروضة من مرجح بحسب اعتقاده إذ لولاه لم يختر شيئا مما فرض تساويه وليس يلزم من الشعور بالمرجح الشعور بذلك الشعور فلعل الدهشة المذكورة صارت سببا لعدم استثبات الشعور في الحافظة فلأجل ذلك لا يعرف الهارب الآن أنه كان له شعور بالمرجح في تلك الحالة هذا

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام