فهرس الكتاب
الصفحة 704 من 2064

أعني الحواس الباطنة والظاهرة والقوة المحركة إلى جلب المنافع ودفع المضار كل ذلك بتقدير العزيز العليم فالحياة تابعة للاعتدال المذكور ومتبوعة لما عداها من القوى الموجودة في الحيوان وقد يتوهم أن الحياة هي قوة الحس والحركة الإرادية وقوة التغذية بعينها لا أنها قوى أخرى مستتبعة لهذه القوى كما ذكرنا فلذلك قال ابن سينا في كليات القانون دفعا لهذا التوهم أنها أي الحياة غير قوة الحس والحركة وغير قوة التغذية والتنمية ويدل عليه أي على التغاير المذكور أنها أي الحياة توجد للمفلوج من الأعضاء إذ هي الحافظة في الحيوان للأجزاء العنصرية المتداعية إلى الانفكاك عن التعفن والتفرق والبلى ألا ترى أن العضو الميت تتسارع إليه هذه الأمور وليس له أي للعضو المفلوج قوة الحس والحركة وكذا الحال في العضو الخدر فإنه أيضا فاقد في الحال قوة الحس والحركة مع وجود قوة الحياة فيه فظهر أن الحياة مغايرة للقوى النفسانية التي هي القوى المدركة والمحركة وأما مغايرتها للقوى الطبيعية التي تتصرف في الأغذية فيدل عليها قوله وتوجد أي الحياة في العضو الذابل فإنه لو لم يكن حيا لفسد بالتعفن والتفرق مع عدم قوة التغذية فيه وأيضا في النبات قوة التغذية مع عدم الحياة فيه فقد وجد كل واحدة من الحياة وقوة التغذية بدون الأخرى فكانتا متغايرتين قطعا ومن ههنا تبين أن أجناس القوى الموجودة في الحيوانات ثلاثة جنس القوى النفسانية وجنس القوى الطبيعية وجنس القوى الحيوانية كما هو المشهور عند الأطباء وللإنسان من بينها قوة رابعة يدرك بها المعقولات ويتوصل بها إلى ما يختص به من الآثار المطلوبة منه

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام