فهرس الكتاب
الصفحة 657 من 2064

البصر فيها ويتصل بما وراءها فإن صفحة البلور والزجاج الشفاف تزيد ما خلفها ظهورا ولذلك يستعين بها الطاعنون في السن على قراءة الخطوط الدقيقة

وقد يجاب عنه بأنه لو كان جسما محسوسا لم تكن كثرته موجبة لشدة الإحساس بما تحته لأن الحس يشتغل به فكلما كثر كان الاشتغال به أكثر فيقل الإحساس بما وراءه ألا ترى أن تلك الصفيحة إذا غلظت جدا أوجبت لما تحتها سترا وأن الاستعانة بالرقيقة منها إنما هي للعيون الضعيفة دون القوية بل هي حجاب لها عن رؤية ما وراءها

الثاني لو كان الضوء جسما لكان حركته بالطبع إذ لا إرادة له قطعا ولا قاسر معه يقسره أيضا فكانت حركته الطبيعية إلى جهة واحدة فلم يقع الضوء من كل جهة بل من جهة واحدة فقط والتالي باطل لأن الضوء يقع على الأجسام من جهات متعددة مختلفة واعترض عليه بجواز أن يكون الضوء أجساما مختلفة الطبائع مقتضية للحركة في الجهات المتباينة نعم لو ثبت أن الضوء مطلقا حقيقة واحدة لتم ومما يقوي ذلك أي عدم كون الضوء جسما أن النور إذا دخل في البيت من الكوة ثم سددناها دفعة واحدة فإنه أي ذلك الجسم الذي فرض أنه النور لا يخرج من البيت لا قبل السد ولا بعده وهو ظاهر ولا تعدم ذاته وإلا لزم أن تكون حيلولة الجسم بين جسمين معدمة لأحدهما ولا يبقى أيضا على حاله الذي كان عليه بل تعدم كيفيته التي كانت مبصرة وهو مرادنا فإن تلك الكيفية الحاصلة من مقابلة المضيء الزائلة بزوالها هي الضوء وإذا ثبت ذلك في بعض الأجسام ثبت في الكل للقطع بعدم التفاوت وأيضا فالشمس إذا طلعت من الأفق استنارت الدنيا أي وجه الأرض وما يتصل به في اللحظة وحركته أي حركة النور الفائض على الدنيا من الفلك الرابع إلى وجه

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام