فهرس الكتاب
الصفحة 647 من 2064

إذ المفروض أنه لا اعتماد على الحس وإلا لوجب الحكم بكون الثلج أبيض حقيقة

الثالث الاتجاه من البياض إلى السواد يكون بطرق شتى فمن الغبرة فالعودية أي يتوجه الجسم من البياض إلى الغبرة ثم منها إلى العودية ثم كذلك حتى يسود وهذا هو الطريق الساذج كأنه يأخذ من أول الأمر في سواد ضعيف ثم لا يزال يشتد فيه السواد قليلا قليلا حتى يمحض ومن الحمرة فالقتمة أي يأخذ من البياض إلى الحمرة ثم إلى القتمة ثم إلى السواد ومن الخضرة فالنيلية أي يأخذ من البياض إلى الخضرة ثم إلى النيلية ثم إلى السواد

قال ابن سينا وهذه الطرق لا يجوز اختلاف ما يتركب عنه الألوان المتوسطة فإن لم يكن إلا بياض وسواد وكان أصل البياض وهو الضوء الذي قد استحال ببعض الوجوه لم يمكن في الأخذ من البياض إلى السواد إلا طريق واحد لا يقع فيه الاختلاف إلا بالشدة والضعف على حسب اختلاط السواد بالبياض ولا يتصور هناك طرق مختلفة فإن ثبوتها يتوقف على شوب من غيرهما ولا بد أن يكون ذلك الشوب من مرئي وليس في الأشياء ما يظن أنه مرئي وليس سوادا ولا بياضا ولا مركبا منهما إلا الضوء فإذا جعل الضوء شيئا غيرهما أمكن أن تتركب الألوان وتتعدد الطرق فإنه إذا اختلط السواد والبياض وحدهما كانت الطريقة طريقة الاغبرار لا غير وإن خالط السواد ضوء فكان مثل الغمامة التي تشرق عليها الشمس ومثل الدخان الأسود الذي تخالطه النار كان حمرة إن كان السواد غالبا على الضوء أو صفرة إن كان السواد مغلوبا وكان هناك غلبة بياض مشرق ثم إن خالطت الصفرة سوادا ليس في أجزائه إشراق حدثت الخضرة إلى آخر ما سيأتي

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام