فهرس الكتاب
الصفحة 593 من 2064

المركبات منها بتوسط المزاج المتفرع على هذه الأربع وإنما لم يذكر في العنوان البرودة مع كونها مذكورة في هذا المقصد لوقوع الاختلاف في كونها وجودية وفيها أي في الحرارة مباحث خمسة

أحدها في حقيقتها قال ابن سينا في الشفاء الحرارة هي التي تفرق المختلفات وتجمع المتماثلات والبرودة بالعكس أي هي تجتمع بين المتشاكلات وغير المتشاكلات أيضا كذا ذكره في كتابه وبيان ذلك أن الحرارة فيها قوة مصعدة أي محركة إلى فوق لأنها تحدث في محلها الخفة المقتضية لذلك فإذا أثرت الحرارة في جسم مركب من أجزاء مختلفة باللطافة والكثافة أي في رقة القوام وغلظه ينفعل الجزء اللطيف منه أي من ذلك الجسم انفعالا أسرع فيقبل الحرارة وتحدث فيه الخفة قبل غيره فيتبادر إلى الصعود الألطف فالألطف دون الكثيف فإنه لا ينفعل إلا ببطء وربما لم تفده الحرارة خفة تقوى على تصعيده فيلزم منه بسببه أي بسبب ما ذكر من حال اللطيف والكثيف عند تأثير الحرارة فيهما تفريق المختلفات في الحقيقة وهي تلك الأجسام المتخالفة في اللطافة والكثافة التي تألف منهما المركبة الأجسام ثم تلك الأجزاء بعد تفرقها تجتمع بالطبع إلى ما يجانسها لأن طبائعها تقتضي الحركة إلى أمكنتها الطبيعية والانضمام إلى أصولها الكلية فإن الجنسية علة الضم كما اشتهر في الألسنة والحرارة معدة للاجتماع الصادر عن طبائعها بعد زوال المانع الذي هو الالتئام فنسب الاجتماع إليها كما تنسب الأفعال إلى معداتها ومن جعل هذا الذي ذكره ابن سينا من أحوال الحرارة تعريفا للحرارة فقد ركب شططا أي بعدا عن الصواب وتجاوزا عنه لأن ماهيتها أوضح من ذلك المذكور فإن كثيرا من الناس يعرفونها مع عدم شعورهم بما ذكر من حكمها

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام