فهرس الكتاب
الصفحة 317 من 2064

إلا للأشخاص وأما الطبائع والمفهومات الكلية فينتزعها العقل من الأشخاص تارة من ذواتها وأخرى من الأعراض المكتنفة بها بحسب استعدادات مختلفة واعتبارات شتى فمن قال بوجود الطبائع في الخارج إن أراد به أن الطبيعة الإنسانية مثلا بعينها موجودة في الخارج مشتركة بين أفرادها لزمه أن يكون الأمر الواحد بالشخص في أمكنة متعددة متصفا بصفات متضادة لأن كل موجود خارجي فهو بحيث إذا نظر إليه في نفسه مع قطع النظر عن غيره كان متعينا في حد ذاته غير قابل للاشتراك فيه بديهة وإن أراد أن في الخارج موجودا إذا تصور هو في ذاته اتصفت صورته العقلية بالكلية بمعنى المطابقة لكثيرين لا بمعنى الاشتراك بينهما بالفعل فهو أيضا باطل لما مر آنفا من أن الموجود الخارجي متعين في حد نفسه فلا تكون صورته المخصوصة مطابقة لكثيرين وإن أراد أن في الخارج موجودا رذا تصور وجرد عن مشخصاته حصل منه في العقل صورة كلية فذلك بعينه مذهب من قال لا وجود في الخارج إلا للأشخاص والطبائع الكلية منتزعة منها فلا نزاع إلا في العبارة وأما ما يقال من أن الطبيعة الإنسانية مثلا قابلة في نفسها للتعدد والتكثير فتحتاج إلى من يكثرها فإذا تكثرت بتكثير الفاعل ووجدت تلك الكثرة في الخارج كان كل واحد منها عين تلك الطبيعة فتكون الطبيعة الإنسانية موجودة في الخارج على أنها متكثرة لا على أنها متصفة بالوحدة حتى يلزم ذلك المحذور فجوابه أن كل واحد من تلك الكثرة لا بد أن يشتمل على أمر زائد هو تشخصه وتعينه فليس شيء منها عين تلك الطبيعة كيف ولو كان كذلك لكان كل واحد من تلك الكثرة عين الآخر منها وهو باطل بديهة

وقد احتج الإمام الرازي على كون التعين أمرا وجوديا بأنه لو كان عدميا لكان إما عدما مطلقا وأنه ظاهر البطلان لأن العدم المطلق لا تميز

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام