فهرس الكتاب
الصفحة 261 من 2064

الأمر الثالث لولا الوجود الذهني لم يمكن أخذ القضية الحقيقية للموضوع وهي التي حكم فيها على ما يصدق عليه في نفس الأمر الكلي الواقع عنوانا سواء كان موجودا في الخارج محققا أو مقدرا أو لا يكون موجودا فيه أصلا والتالي باطل وقد أشار إلى بيان الملازمة وبطلان التالي معا بقوله فإنا إذا قلنا الممتنع معدوم فلا نريد به أن للممتنع أي ما يصدق عليه الممتنع في الخارج معدوم فيه قطعا أي لا نريد ذلك قطعا إذ ليس في الخارج ما يصدق عليه الممتنع أصلا بل نريد به أن الأفراد المعقولة للمتنع أي ما يصدق عليها الممتنع في العقل من الأفراد المعقولة للمعدوم أي يصدق عليها في العقل بحسب نفس الأمر أنها معدومة في الخارج فلو لم يكن للممتنع أفراد معقولة موجودة في العقل لم يصدق عليها الحكم الإيجابي فلذلك قال وهذا بالحقيقة عائد إلى الأول والحاصل أن قولنا الممتنع معدوم في الخارج قضية صادقة وليست خارجية بل حقيقية مفسرة بما ذكرناه لا بما اشتهر من أن الحكم فيها على الأفراد الخارجية فقط إما محققة أو مقدرة فلولا أن يكون للممتنع أفراد موجودة في الذهن لم يصدق هذا الحكم الإيجابي في هذه القضية الحقيقية ويرد عليه أن مفهوم المعدوم أمر سلبي وقد يقال لولا الوجود الذهني لبطلت الحقيقة الموجبة الكلية كقولك كل مثلث تساوي زواياه قائمتين إذ ليس الحكم فيها مقصورا على الأفراد الخارجية بل يتناول ما عداها من الأفراد التي يصدق عليها الموضوع في نفس الأمر فلو لم يكن لما عداها وجود ذهني لم يصدق عليها حكم إيجابي واحتج نافيه وهم جمهور المتكلمين فإن بعضهم قالوا بالوجود الذهني بوجهين

أحدهما لو اقتضى تصور الشيء حصوله في ذهننا لزم كون الذهن حارا باردا مستقيما معوجا لأنا إذا تصورنا الحرارة فقد حصلت الحرارة في ذهننا ولا معنى للحار إلا ما قامت به الحرارة وكذا الحال في البرودة

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام