فهرس الكتاب
الصفحة 230 من 2064

بل تعقل تبعا للماهيات المخصوصة التي ليست بديهية فيحتاج حينئذ إلى أحد الجوابين السابقين فيلزم الاستدراك في هذا الجواب

الوجه الثاني أن يقال لا شك أنه لايشتغل العقلاء بتعريف التصورات البديهية كما لا يبرهن العقلاء على القضايا البديهية فلو كان الوجود ضروريا لم يعرفوه والجواب أن تعريفه ليس لإفادة تصوره حتى ينافي كونه بديهيا بل تعريفه لتمييز ما هو المراد بلفظ الوجود من بين سائر المتصورات ولتلتفت النفس إليه بخصوصه فيكون تعريفا لفظيا ما له التصديق كما مر والأمور البديهية يجوز تعريفهما بحسب اللفظ فإن البديهي وإن كان حاصلا في الذهن بديهة لكن قد يكون مجهولا من حيث أنه مدلول لفظ مخصوص ومراد به فيعرف ليعلم أنه مدلول مراد به وقد أجيب عن الوجه الثاني أيضا بأن أحدا لم يشتغل بتعريف الكون في الأعيان الذي وقع النزاع فيه لكن جماعة لما تصوروا أنه أي الوجود ليس هو الكون في الأعيان بل هو شيء يوجب الكون في الأعيان ولم يكن ذلك الشيء الذي توهموا أنه الوجود ضروريا اشتغلوا بتعريفه وذلك لا ينافي بداهة الكون في الأعيان

الفرقة الثانية من المنكرين لكون الوجود بديهيا من يدعي أنه لا يتصور الوجود أصلا لا بداهة ولا كسبا بل هو ممتنع التصور واحتجوا على ذلك بأمرين

الأول أن تصوره إنما يكون بتميزه عن غيره لأن المدرك متميز بالضرورة عن غير المدرك ومعنى التميز أنه ليس غيره ومعنى أنه ليس غيره سلب مخصوص فيتوقف تعقله على تعقل السلب المطلق الذي هو عدم مطلق لا يعقل إلا بعد تعقل الوجود المطلق لكونه مضافا إليه

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام