فهرس الكتاب
الصفحة 207 من 2064

النقلي دون ما يقتضيه الدليل العقلي إبطال للأصل بالفرع فإن النقل لا يمكن إثباته إلا بالعقل لأن الطريق إلى إثبات الصانع ومعرفة النبوة وسائر ما يتوقف صحة النقل عليه ليس إلا العقل فهو أصل للنقل الذي تتوقف صحته عليه فإذا قدم النقل عليه وحكم بثبوت مقتضاه وحده فقد أبطل الأصل بالفرع وفيه أي في إبطال الأصل بالفرع إبطال للفرع أيضا إذ حينئذ يكون صحة النقل متفرعة على حكم العقل الذي يجوز فساده وبطلانه فلا يكون النقل مقطوع الصحة فقد لزم من تصحيح النقل بتقديمه على العقل عدم صحته وإذا أدى إثبات الشيء وتصحيحه إلى إبطاله وإفساده كان مناقضا لنفسه أي مستلزما لنقيض نفسه ومنافيا لها فكان باطلا ومحالا إذ لو أمكن لأمكن اجتماع النقيضين أعني نفسه ونقيضه وإذا لم يمكن العمل بهما ولا بنقيضهما ولا تقديم النقلي على العقلي فقد تعين تقديم العقلي على النقلي وهو المطلوب لا يقال جاز أن يتوقف فيهما فلا يحكم بثبوت مقتضى شيء منهما بعينه فلا يلزم شيء من تلك المحالات لأنا نقول هذا منع لا يضر المعلل لأن وجود المعارض العقلي إذا أوجب التوقف لم يفد الدليل النقلي اليقين مالم يعلم عدم ذلك المعارض وهذا هو الوجه الذي كان المستدل بصدده وأيضا التوقف يوجب تطرق احتمال الخطأ في الدليل العقلي القطعي وحينئذ لا يبقى النقلي حجة قطعية يتوقف لأجلها في الدلائل العقلية القطعية فقد ثبت أنه لا بد في إفادة الدليل النقلي اليقين من العلم بعدم المعارض العقلي لكن عدم المعارض العقلي غير يقيني إذ الغاية عدم الوجدان مع المبالغة الكاملة في تتبع الأدلة العقلية وهو أي عدم الوجدان لا يفيد القطع والجزم بعدم الوجود إذ يجوز أن يكون هناك معارض عقلي لم نطلع عليه فقد تحقق أن دلالتها أي دلالة الأدلة النقلية على مدلولاتها يتوقف على أمور عشرة ظنية فتكون دلالتها أيضا ظنية لأن الفرع الموقوف لا يزيد على الأصل الذي هو

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام